اليمن يغرق لا سواه
خالد الكريمي
خالد الكريمي

المعارك تشتد في اليمن وتتسع والعنف بلغ ذروته والدمار يحيط بالشعب في شمال البلد وجنوبه. بعد أربعة أشهر من الاقتتال ،لم يعد الوضع تحت سيطرة أحد وأضحت هذه المنطقة الجغرافية في جزيرة العرب أرض خصبة للحرب ومرتعاً جديداً للعنف.

خلال أكثر من مائة يوم ،تحولت البلد من شعب واحد إلى جبهات مسلحة ومن أمة واحدة إلى فرق متناحرة كلها تقاتل من أجل أن تنتصر لنفسها و لا ينتصر اليمن.

بكل يقين ،هذا تحول لا يُحسد عليه نقمة ليس بعدها ولا قبلها نقمة. ما هو حال تعز اليوم ؟فقط نتأمل حال هذه المحافظة أو أي محافظة أخرى طالها الحرب والدمار. اليوم نحن نغرق في الدم و نغرق في الطائفية ويتمزق نسيجينا الاجتماعي تمزقاَ مخيفاً.

من يقودون الشعب صوب الهاوية لا يهمهم مصالحه العليا و جل همهم هو أن تنتصر نواياهم الشيطانية و تتحقق مخططاتهم وفق ما يرونه مناسباً لهم و لتفكيرهم.

محافظات عدة قي اليمن تحولت إلى مستنقعات عميقة للصراعات المسلحة والحروب الغاشمة والجرائم البشعة و ما يجعل الأسى أكبر والحزن أعمق هو أن أبناء هذا الشعب هم يصنعون هذا السيناريو بشعبهم.

بعد أن عجزت السياسية عن أصلاح الوضع ،انزلق الوضع نحو العنف وبعد أن تعثر الحوار ،رُفع السلاح و بعد أن نفد الصبر ،انفجرت الحرب و الآن اليمنيون يغرقون و لا سواهم.

إيران لن تغرق معنا و السعودية لم و لن تغرقها مشاكلنا. منذ عقود واليمن يقبع في بوتقة من الفقر والحرب والسعودية تنعم بالرفاهية و الأمن و الامان ،لم تتأثر بتخلفنا و لم تأخرها مشاكلنا.

نحن نسبح في الفوضى وحدنا ونتآكل فيما بيننا و لم تشاركنا الرياض وطهران المآسي التي يعيشها الشعب اليمني في الشمال والجنوب. ماذا يصنع اليمنيون الآن ؟لا شيء. إنهم يستقبلون السلاح و يتوزعونه بينهم لقتل بعضهم و يهتفون حي على الكفاح و يؤمنون أن الفلاح في السلاح وليس في التعايش والتسامح.

اليمنيون جندوا انفسهم لقتل بعضهم و تدمير وطنهم وإضعاف مكانتهم بين الشعوب والمؤسف أن صحوتهم تبدو غير قريب. كما يبدو ،أمراء الحرب في اليمن لا يؤمنوا بالسياسة كمصدر للحل بل واضحا أنهم يجزمون أن الحل في فوهة البندقية و أن الخلاص يأتي من البارود والرصاص. هكذا تفكير يزيد فعلاً من دواعي القلق على مستقبل البلد.

أربعة أشهر انقضت ولم تضع الحرب اوزارها بعد و لم يجني الشعب من هذه المعارك سوى الندم ولم يربح غير المآسي ولم يرى عدا الألم. أربعة أشهر سلبت الالاف من الأرواح و أقعدت الالاف غيرهم وشردت الملايين وأحالت اليمن إلى كارثة انسانية جديدة في هذا العالم.

بعد كل هذا البؤس الذي جلبه اليمنيون لأنفسهم ، من فاز و من خسر؟لم يفز أحد و خسر الجميع. و لم يغرق شعب غير اليمن.


في الأربعاء 29 يوليو-تموز 2015 10:43:02 ص

تجد هذا المقال في المركز اليمني للإعلام
http://yemen-media.info
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://yemen-media.info/articles.php?id=406