علي عبد المغني... سرّ "سبتمبر"
الإثنين 26 سبتمبر-أيلول 2016 الساعة 09 مساءً / المركز اليمني للإعلام - صفية مهدي
عدد القراءات (3160)
لا تُذكر ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962 في اليمن إلا ويحضر اسم علي عبد المغني، الضابط الذي قاد التحوّل المفصلي الأهمّ في تاريخ اليمن الحديث، ثم غادر الحياة مبكراً ليطوي قصّة الطفل اليتيم القادم من الريف وقد أصبح شابّاً عشرينياً غيّر مجرى التاريخ.
ولد مخطّط الثورة، علي محمد حسين أحمد عبد المغني، في قرية محل بيت الرداعي، بمديرية السدة (محافظة إب)، في العام 1937، وكان أبوه إماماً للمسجد في القرية، وتوفّي وعمره أربع سنوات، فتربّى لدى شقيقة والده، وتلقّى تعليمه الأوّل في "القرآن الكريم" و"العلوم الدينية" و"الحساب"، في قرية ينعان، على يد مدرّس يدعى "علي محمد معرف الآنسي".
في ينعان، حدثت أولى التحوّلات المهمّة في حياة مهندس ثورة 26 سبتمبر، حيث حفظ القرآن ونال المركز الأوّل، ليصادف حفل تخرّجه مع زملائه وجود مسؤول كبير في النظام الإمامي حينها، وهو حسين محمد الكبسي، والذي أعجب بأداء عبد المغني، فاقترح انتقاله إلى صنعاء للإلتحاق بمدرسة الأيتام، وفيها واصل دراسته متفوّقاً. وتقول المراجع إنه التقى خلال هذه المرحلة بالضابط العراقي جمال جميل، الذي كان له دوره في ثورة عام 1948 الفاشلة، وإن الأخير أُعجب به.
في العام 1958، التحق عبد المغني بالكلّية الحربية بدفعتها الثانية، ومنها تخرّج ونال الأوّل على الدفعة التي سُميت باسمه. ووفق أكثر من رواية تاريخية تقصّاها "العربي"، فإن البدر، ولي عهد الإمام حينذاك، حضر حفل تخرّج الدفعة وأهدى لعبد المغني قلماً، كتب الأخير به أهداف الثورة في وقت لاحق، فيما كانت مدرسة الأسلحة هي المحطّة التالية لعبد المغني بعد تخرّجه من الكلّية، ونال المركز الأوّل في المدرسة.
تنظيم الضبّاط الأحرار
بدأ عبد المغني التنسيق والتحضير لتأسيس "تنظيم الضبّاط الأحرار" بصورة سرّية في العامين السابقين للثورة، وقام بزيارة إلى مدينتي تعز والحديدة، التقى خلالها بضبّاط في إطار التنسيق للثورة، وكان تأسيس تنظيم "الضبّاط الأحرار" الذي كان متأثّراً بتجارب حركات التحرّر العربي في ديسمبر1961. وتقول بعض الروايات أن عبد المغني التقى بالرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، في يوليو 1962، على متن باخرة مصرية، وجرى اللقاء بتنسيق السفارة المصرية في صنعاء.
من جانبه، يذكر الكاتب والمفكّر العربي الراحل، محمد حسنين هيكل، في كتابه "سنوات الغليان"، إنه في منتصف أغسطس 1962 وصل إلى القاهرة تاجر يمني من تعز، كان اسمه عبد الغني المطهر، التقى رئيس مجلس الأمّة حينها، أنور السادات، وكان قد تعرّف إليه من أيّام عمله أميناً عامّاً للمؤتمر الإسلامي، وسمع السادات من المطهر عن وجود تنظيم للضبّاط الأحرار وسط الجيش اليمني يقوده ضابط شابّ هو العقيد علي عبد المغني، وفهم السادات من زائره أن تنظيم الضبّاط يرتّب للقيام بانقلاب على حكم الإمام، أحمد بن يحي حميد الدين، الذي وصل طغيانه - والكلام لهيكل - إلى حدّ لم يعد يحتمله لا الشعب ولا الجيش، فيما امتنع السادات عن تقديم رأي، حتّى يرجع إلى جمال عبد الناصر.
ليلة الثورة تشير العديد من المصادر إلى أن عبد المغني أعدّ البيان الأوّل للثورة وأهدافها
تشير العديد من المصادر التاريخية والتصريحات المنسوبة لقيادات الثورة إلى أن عبد المغني أعدّ البيان الأوّل للثورة وأهدافها، وليلة الـ 26 من سبتمبر تفجّرت الثورة، حيث أعطى عبد المغني لرفاقه في إدارة الهاتف كشفاً بأرقام يتمّ قطعها، ومنها تحويلة قصر البشائر المقرّ الرئيسي للإمام البدر، وقامت مجموعة الضبّاط، بقيادته، بقصف "دار الشكر" و"دار البشائر"، قبل اقتحام القصر لإسقاط النظام الإمامي، وإعلان مجلس قيادة الثورة، الذي تشكّل من عدد من الأعضاء، برئاسة المشير عبد الله السلال، وكان عبد المغني أحد أعضاء المجلس.
ويقول هيكل، في الكتاب نفسه، إنه في "صباح يوم 26 سبتمبر 1962 لم تعد الأمور طبيعية في اليمن، فقد أعلنت إذاعة صنعاء صباح ذلك اليوم عن قيام انقلاب قاده العميد عبد الله السلال، وأن هذا الانقلاب استولى على السلطة بعد مقتل البدر، في معركة مسلّحة دارت على أبواب قصره في صنعاء، وبعثت السفارة المصرية في اليمن ببرقية تقول فيها إن القادة الحقيقيين للثورة مجموعة من الضبّاط الشبّان أبرزهم العقيد عبد المغني".
حملة مأرب
بعد أيّام من من تفجّر الثورة، بدأت موجة تمرّد من فلول النظام الإمامي، ومن ذلك محاصرة الحامية العسكرية في مدينة مأرب، الأمر الذي اضطر معه عبد المغني لقيادة حملة عسكرية لفكّ الحصار عن مأرب، وفي طريقها بين منطقة صرواح وباب الضيقة تعرّضت الحملة لكمين، ودارت اشتباكات قضى عبد المغني خلالها. وتتباين الروايات بين القول بوقوع ذلك في الرابع من أكتوبر 1962، وبين الثامن من الشهر نفسه.
مثّل رحيل عبد المغني، وعمره 25 عاماً، بعد دور ساهم بتغيير مجرى التاريخ، خبراً صادماً لرموز الثورة وقياداتها في الداخل والخارج، وتتناقل بعض التناولات الصحافية رواية لأنور السادات، أنه رأى بحياته جمال عبد الناصر يبكي مرّتين، إحداهما لحادثة استشهاد عبد المغني والأخرى عند انفصال مصر عن سوريا.
ويقول الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني، نائب رئيس مجلس الثورة ونائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق، في تصريحات خلال مقابلة تلفزيونية "علي عبد المغني... الذراع العسكرية الأهمّ في قيادة الثورة اليمنية"، ويوضح أنه (البيضاني) وصل صنعاء في 28 سبتمبر بعد يومين من الثورة، و"جمعت مجلس قيادة الثورة، وجمعت علي عبد المغني بالذات وهو الذراع الأيمن... الذراع الأهمّ للثورة اليمنية". ويضيف أن عبد المغني "كان رئيس جميع المجموعات العسكرية في صنعاء بلا جدال وهو ملازم"، وإن "الذراع الأوّل للثورة علي عبد المغني مات لم يترك وثيقة لأنه قتل بعد 5 أو 6 أيّام من قيام الثورة".
أقيم نصب تذكاري في منطقة صرواح قرب السدّ القديم، لعلي عبد المغني، حيث عُثر على رفاته في ذلك المكان، وبات بدوره في مرحلة مفصلية من التاريخ من أكثر الأسماء ذكراً كُلّما ذكرت الثورة، التي يُوصف بأنه المخطّط والمهندس والمسؤول الأوّل في ترتيباتها العسكرية التي أطاحت بالحكم الإمامي.

*نقلا عن موقع العربي 

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
قرار نقل البنك المركزي.. تأييد محفوف بالمخاطر
أطفال مديرية الصلو تحت الخطر
الخبير الاقتصادي المقرمي لـ(المركز اليمني للإعلام): :
عجز البنك المركزي عن دفع نفقات مؤسسات الدولة وموظفيها مؤشر خطير على انهيار اقتصادي مرتقب
جرحى تعز.. خذلان مع سبق الاصرار والترصد
لسان حالهم باي حال عدت يا عيد:
اختفاء النقد المحلي يسلب اليمنيين ما تبقى لديهم من فرحة العيد