اليمن .. أزمة عنوانها الفشل في إتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب
الإثنين 20 إبريل-نيسان 2015 الساعة 01 صباحاً / يمن ميديا - خاص
عدد القراءات (1175)

"ما زلت تتوجس ريبة بكل السياسيين في اليمن من مختلف الأطراف السياسية على حد سواء ، تتحدث عن الشراكة لكنها لا تقدم أية مؤشرات على أن معرفتها بالشراكة لا تتجاوز حدود المصطلح الجميل"

 

" لاعلاقة لي بالحوثيين"، ثلاث كلمات لخص بها الرئيس السابق لليمن علي عبد الله صالح الذي اعتزل الحكم في العام 2011م بعد أزمة سياسية عاصفة تخللتها مشاهد دامية متفرقة لم يسلم منها صالح شخصيا إذ تعرض لمحاولة اغتيال هو ومن معه من كبار أركان حكمه الذي استمر 33 عاما، لكنه نجى من الموت لتكتب له المبادرة الخليجية مرحلة جديدة يعيشها شاهدا على مجريات أزمة حكم طاحنة في البلاد وحروب داخلية تطحن 8 محافظات وحرب خارجية من طرف واحد يضم تحالف عشر دول عربية وخليجية بقيادة المملكة السعودية الجارة الشمالية لليمن.

لطالما تحدث المعارضون دون تقديم دليلا واحد على تحالف صالح والحوثيين للإطاحة بحكم هادي الرئيس المقيم مرغما في المملكة السعودية منذ نحو شهر بعد أن اجتاحت مليشيات الحوثيين عدن التي كان قد اتخذها هادي بعد تمكنه من الفرار من قبضة الحوثيين عاصمة مؤقتة لإدارة شئون البلاد بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء.

لكن صالح المثير للجدل والمعرض لعقوبات كبيرة من مجلس الأمن الدولي بشبهة التحالف مع الحوثيين كان اليوم يلخص حقيقة ما تواجهه اليمن من أزمة حكم تكاد أن تعصف بكل مقومات البلد الفقير وتحيله إلى مسرح دامي يتقاتل فيه الإخوة دون معرفة سبب واضح لذلك.

سياسيا كان من الممكن إقامة تحالف مؤتمري حوثي يملئ الفراغ في السلطة ولطالما ذهب المؤتمر الذي يتزعمه صالح نحو ذلك، لكن الحوثيين كجماعة صاعدة على فوهة البندقية لم تتبلور لديها الرؤية السياسية الكافية للوفاء حتى بأبسط مقومات إقامة حكم يكون بقدوره تدارك ما يمكن تداركه في سبيل إنقاذ البلاد، وحيث تسيطر الجماعة على مقومات الحكم وكل مفاصل الدولة في أعقاب انقلاب تام على قيادة الرئيس هادي، ما زلت تتوجس ريبة بكل السياسيين في اليمن من مختلف الأطراف السياسية على حد سواء ، تتحدث عن الشراكة لكنها لا تقدم أية مؤشرات على أن معرفتها بالشراكة لا تتجاوز حدود المصطلح الجميل.

لزم صالح الصمت حيال عقوبات فرضها عليه مجلس الأمن الدولي تضمنت المنع من السفر وتجميد الأرصدة ومصادرتها لشبهة تحالفه مع الحوثيين وضل صامتا حتى عاد مجلس الأمن الدولي تأكيد تلك العقوبات مجددا وتوسيعها لتشمل نجله السفير أحمد علي عبد الله صالح.

لكنه خرج بالأمس نافيا علاقته بالحوثيين ومؤكدا تعامله الإيجابي مع قرار مجلس الأمن الدولي في موقف مغاير تماما لموقف جماعة الحوثيين الرافض لقرار مجلس الأمن جملة وتفصيلا، فيما طائرات التحالف العشري تواصل طريقها لليوم الثاني والعشرين في انتهاك الأجواء اليمنية وضرب القدرات العسكرية والاقتصادية للبلاد تحت ذريعة ضرب القدرات العسكرية للرئيس صالح والحوثيين.

الحقيقة الغائبة في الشارع اليمني والتي لا أحد يحبذ الخوض فيها أن تحالف صالح والحوثيين ليس عدا صناعة إعلامية من إنتاج المطبخ الإعلامي لحزب التجمع اليمني للإصلاح " أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين الدولية " وما عدا لك فإن الجماعة " الحوثيين" لا تؤمن بالتحالفات السياسية ولا تقيم لها وزنا في مشوارها القصير المثخن بالدماء " دماء مناصروها وخصومها في الوقت ذاته "تتوجس ريبة بالجميع ومستعدة لمواجهة الجميع في الوقت ذاته، بجنون لا يعطي الواقع أية حسابات ".

صالح كان المطلوب الأول للجماعة الحوثيين التي تتهه بخوض 7 حروب عليها في صعدة وقتل قائدها المؤسسة حسين بدر الدين الحوثي، لكن الدخان الكثيف الذي خلفته طبخة تحالف صالح مع الجماعة منذ مغادرته مقعد الرئيس والمسئول الأول في البلاد حجبت الرؤية تماما عن الجميع ووجد صالح الفرصة سانحة ليلزم الصمت حيال ذاك التحالف المزعوم فهو لن يربح شيء إن نفى صحة تلك الشائعات وبالمقابل ربما ستفيد الكثير في التخلص من خصوم وصلت خصومتهم معه حد التخطيط والتنفيذ لمحاولة التخلص منه نهائيا، وقد كان له ذلك بسرعة لم تدر في خلده يوما ولا كان يحلم حتى بتحقق شطر بسيط منها.

ا لأزمة اليمنية الراهنة ليس عنوانها المناسب " تحالف صالح والحوثيين " فهذه الأزمة التي تجاوزت حدها السياسي إلى الحد العسكري محليا، ما لبثت أن تجاوزت ذلك إلى التدخل العسكري الخارجي المفروض على اليمن حاليا" وإذا كان صالح قد تعامل ببراعة مع أزمة 2011م ببراعة جنبت اليمن الحرب الأهلية في وقتها، فإن عنوان الأزمة اليوم " عدم القدرة على إتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب " فهادي كرئيس شرعي لم يمتلك القدرة على تحليل الأمور واتخاذ القرار المناسب لوقف زحف المسلحين الحوثين إلى قصره الرئاسي في شارع الستين بالعاصمة صنعاء والحوثيين الذين باتوا يسيطرون على كل شيء ليسوا قادرين أيضا على تحليل الأمور واتخاذ قرار يجنب اليمنيين ويلات الحرب القائمة داخليا وخارجيا .

حاليا تسفك دماء اليمنين داخليا في 8 محافظات هي عدن وتعز ولحج وشبوه وأبين ومأرب والبيضاء وتسفك بحرب من طرف واحد يضم عشر دول عربية وخليجية بقيادة المملكة السعودية تحت مسمى " عاصفة الحزم " وبمبرر الاستجابة السريعة لاستغاثة الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي وتبدو ملامح اليمن أكثر مأساة، حيث يعيش زهاء 25 مليون مواطن يمني تحت رحمة جماعة مسلحة استحوذت على كل شيء ولا تملك القدرة على تقديم شيء لهذا العدد من السكان غير توزيع الخوف والرعب داخليا وخارجيا بمختلف الصور والأساليب، وبعد أن كان ملايين اليمنيين يبدون تعاطفهم مع الجماعة التي يرون أنها كانت عرضة للإقصاء والظلم والاضطهاد هاهي الجماعة تقدم نفسها على زناد بندقية متحفزة للانفجار في أي وقت وفي أي جسد لمواطن لم يعد قادرا على شراء كيس من الدقيق وإن كان يملك المال.

 

في شوارع العاصمة صنعاء الخالية على عروشها بما يبعث الرعب إلا من أكداس القمامة التي لم يعد يوجد أحد يأبه لوجودها، حيث يشرع الناس بالنزوح الجماعي ثمة أمل في استعادة السيطرة على مجريات الأوضاع ووقف آلة القتل التي تخترق الأجواء وتدمر كل شيء، وفي شوارع عدن التي أنهكتها الحرب الأهلية القذرة فأكلت الأخضر واليابس وحصدت الأرواح والممتلكات وأجبرت مئات الألاف من المواطنين الذين لاحول لهم ولاقوة على البقاء مجبرين يستبد بهم الجوع والعطش والحر والخوف في منازلهم المهددة بالانهيار والحرق فوق أجسادهم لتتحول إلى مقابر جماعية دون سبب واضح أو في شوارع تعز التي خانتها ثقافتها لتقرر اللحاق بمسرح الحرب والدمار واختصار المسافة بين انضمامها وانضمام سابقتها من المحافظات إلى هذا المسرح الدموي العنيف بعنف يفوق الوصف، ثمة فسحة أمل للخروج من هذه الدوامة العنيفة التي لاترحم أحد.

 لكن فسحة الأمل هذه ليست عدا مجرد أماني بأن يتوقف هذا الجنون، وتدرك جماعة الحوثيين أنها تخوض الحرب بالوطن كاملا هذه المرة وليس بمحافظة واحدة وأنها تخوض الحرب بمقومات وأسباب تمكين اليمنيين من البقاء على قيد الحياة وليس بما استحوذت عليه من سلاح الدولة التي سقطت في أيديها على حين سوء إدارة البلاد واتخاذ القرار، لكن الجماعة بعد أن استحوذت على كل شيء تبدوا وكأنها نسيت أن تراجع كتلوج إدارة الدولة فبدأت تفقد كل شي.

    
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
‎القائد البارز جواس يخاطب الشعب ويعاهده على النصر
‎«كوميرسانت»‫:‬ لا يمكن كبح جماح اليمن‫