الغارات والمعارك تُجبر 2 مليون يمني على صيام رمضان خارج منازلهم"تقرير خاص"
الخميس 25 يونيو-حزيران 2015 الساعة 12 صباحاً / المركز اليمني للإعلام-خاص
عدد القراءات (2405)

مع حلول رمضان الجاري ، كان مئات الآف اليمنيين قد غادروا منازلهم هرباً من ضراوة المعارك في المدن وتتابع القصف الجوي الذي تشنه قوات التحالف بقيادة السعودية، وسط أوضاع معيشية صعبة وارتفاع باهض في أسعار المواد الغذائية وانعدام الخدمات وتحذيرات أممية من تصاعد الأرقام .

رمضان في اليمن شهر النزوح


يروي محمد سالم في حديثه لموقع المركز اليمني للإعلام ، مأساة حقيقية في رحلة نزوحه الشاقة ، وهو من المعارضين لجماعة الحوثي، حيث هرب من عمران اثناء سيطرة الحوثيين عليها في رمضان المنصرم الى العاصمة صنعاء ، قبل ان يسيطروا عليها في سبتمبر من العام ذاته .
يضيف في اتصال هاتفي "اضطررت للنزوح مع أسرتي الى تعز مكثنا هناك عدة أشهر قبل ان تبدأ جحيم المعارك في المدينة التي يقطنها اكثر من مليون نسمة واضطررت للنزوح الثالث الى ريف المدينة عند احد أصدقائي وما زلت هناك ".
أما أم ابراهيم"ربة بيت" اضطرت لمغادرة منزلها الشعبي بالقرب من مطار صنعاء ، بسبب غارات التحالف العربي الذي تقوده السعودية والذي دشن نهاية مارس المنصرم ، تقول في حديثها " حينما قصف الطيران سمعنا انفجارات كبيرة واندلعت النيران الى كل مكان حولنا خرجت انا وابني وابنتي الى الشارع ولا يوجد معنا حتى قيمة المواصلات".
تضيف "خرجنا للبلاد ولحقنا زوجي من العمل قبل ان نعود ولكن الى غرفة صغيرة في وسط المدينة وغير قادرين نعود للمنزل لتضرره من جهة ولخوفنا من تجدد الغارات "، تشير الى أن زوجها الذي تجاوز عمره الخمسين عاماً فقد دخله جراء اغلاق دكانه في احدى الجامعات التي اغلقت ابوابها نتيجة التدهور الحاصل.
تقول ان اسرتها تستقبل رمضان بأمل العودة الى الوضع الطبيعي ، غيرقادرة كآلاف الأسرة النازحة على توفير مائدة رمضان كسائر الأعوام، تضيف" يتوفر الماء والخبز والرز وهذا انجاز في مثل هذه الظروف وهذا الغلاء الفاحش".
وفي مدينتي تعز وعدن التي تشهدان معارك ضارية بين الحوثيين والمقاومة الشعبية اضطرت الاف الأسر للمغادرة للأرياف ، حيث تعيش معظم الأسر في رمضان غرف صغيرة وضيقة جداً وأغلبها مر عليها زمن طويل منذ مغادرة القرية ، حيث تتجمع النساء في غرفة والرجال في غرفة .
وامتدت المعارك والغارات ايضا للأرياف ، حيث تشهد مناطق ريفية متصلة بلحج والضالع وعدن وأبين معارك طاحنة ، الأمر الذي دفع الريفيون ايضا الى النزوح في معركة شاقة من البحث عن الحياة .
واعلنت قوات التحالف أن جميع مديريات محافظة صعدة ستكون هدفا عسكريا لطائرات التحالف، بعد قصف الحوثيين لأراضي سعودية حدودية بقذائف هاون وهو أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، الأمر الذي دفع الآف النازحين لمغادرة المدينة والمديريات ، ولم يجد النازحون سوى المدارس لتأويهم.
وعادة ما كان اليمنيون يستقبلون رمضان بحركة كبيرة في الشراء ، لكن احد النازحين في الريف يتحدث عن ارتفاع باهض في الأسعار حيث سجلت المواد الغذائية ارتفاعات قياسية جاوزت في بعضها نسبة 400%، مع انعدام مادة الغاز المنزلي والمشتقات النفطية وغياب خدمة الكهرباء والمياه بشكل شبه تام.
فمثلا تعد محافظات صنعاء وعدن والمكلا ولحج ومأرب وتعز والحديدة والضالع وصعدة أبرز المحافظات التي يعاني سكانها من سوء الأوضاع الإنسانية، ويعيش أكثر من 60% من الشعب اليمني على المساعدات الإنسانية منذ سنوات عدة، بحسب وكالات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، مما ينذر أيضا بحجم الكارثة الإنسانية في اليمن، لاسيما في الظرف الراهن.

موت في المخيمات


كانت الفاجعة ان تعرض مخيم للنازحين في مديرية حرض بحجة المحاذية للسعودية ، حيث قتل نحو 45 شخصاً وأصيب أكثر من 65 آخرين، من النازحين المدنيين في مخيم "المزرق" ، جراء قصف يُعتقد أنه من طائرات التحالف العربي .
وكانت المنظمات الإغاثية الدولية قد أسست المخيمات الثلاثة، في منطقة المزرق عام 2008 حيث استضافت آلافا من النازحين الذين هربوا من حروب الجيش اليمني ضد الحوثيين. ويقع المخيم على الحدود مباشرة مقابل الشريط الحدودي اليمني السعودي.
وأوضح مصدر في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فضل عدم ذكر اسمه، أن "القتلى سقطوا جراء سقوط أربع قذائف في مخيم المزرق بمديرية حرض، وهو مخيم يؤوي الآلاف الذين نزحوا من مناطق الصراع في محافظة صعدة، أثناء الحروب بين الحكومات السابقة وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، بين عامي 2004 و2010"، مشيرا إلى أن بعض القذائف سقطت في سوق المزرق وفيه مواطنون، وأخرى استهدفت جسرا قرب المنطقة".

الملاجئ ومخاطر صحية تهدد الحياة


بالإضافة الى النزوح وانعدام المواد الغذائية الأساسية ، يعيش اليمنيون النازحون شهر الصيام مع أمراض مزمنة ومخاطر تهدد مستقبل حياتهم ، نتيجة الأوضاع غير الصحية التي تحتف بها أماكن نزوحهم وغياب المنظمات الصحية الفاعلة .
حيث قالت منظمة الصحة العالمية إن النازحين داخليا في اليمن معرضون لمخاطر صحية تهدد بقاءهم على قيد الحياة، بسبب حركة التنقل الجماعية للسكان والنظام الصحي المتردي، حسب بيان اصدرته في يونيو الجاري، مشيرة الى ان كثير منهم في ظروف معيشية غير صحية ففي المدارس التي يستضيف بعضها مئات اليمنيين النازحين، يتوفر حمام واحد فقط للنساء وآخر للرجال.
وتفيد تقارير الأطباء بارتفاع معدل حالات الإصابة بحمى الضنك والملاريا، فضلا عن حالات الإسهال المائي الحاد في محافظة عدن، بسبب سوء المرافق الصحية ومحدودية فرص الحصول على المياه الصالحة للشرب، حيث تتحدث تقارير عن ارتفاع المصابين بحمى الضنك في مدينة عدن وحدها الى 5 الآف مصاب.
وقال الدكتور أحمد شادول، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن إن الوضع الصحي في الملاجئ التي تستضيف النازحين داخليا مثير للقلق. وذكر أن هذا الوضع يتفاقم بسبب تعطل نظام رصد الأمراض نظرا لانعدام الأمن، فضلا عن عدم كفاية فرص الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية بسبب النقص في عدد الموظفين الصحيين المؤهلين ومحدودية عمل المرافق الصحية.

الصومال وجبيوتي قبلة الهاربين من الموت


تبدل الوضع، فبعد أن كانت اليمن هي من تستضيف ٢٣٦ ألف لاجئ صومالي فروا من الحرب الأهلية في بلادهم منذ اندلاعها عام ١٩٩٠، أصبحت الصومال هي قبلة بعض اليمنيين النازحين، بالإضافة الى جبيوتي وسط ظروف وصفت بالكارثية يعيشها النازحون مع حلول رمضان لهذا العام .
وقد اجتاز أكثر من ألفي لاجئ خليج عدن، ووصلوا حتى الآن إلى سواحل منطقة أرض الصومال الشمالية، ومنطقة بونتلاند للحكم الذاتي (شمال شرق)، كما ذكرت المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين، والتي تحدثت عن إمكان وصول ١٠٠ ألف شخص في غضون ستة أشهر.
أطلق النازحون اليمنيون في الصومال صرخة استغاثة مناشدين العالم انتشالهم من الأوضاع المزرية التي يمرون بها في ظل انعدام أبسط شروط الحياة في مناطق استقبالهم بصورة عامة وفي مدينة بربره على وجه الخصوص.
وأضح وليد النهاري المسؤول الاداري في الجالية اليمنية بمدينة هرغيسا الصومالية، التي تعد المحطة الثانية في رحلة النازحين اليمنيين بعد بربره، أن أماكن استقبال اليمنيين الهاربين من الحرب تخلو من الخيام والإمكانيات، ما دفع أبناء هذه الجالية إلى استئجار بيوت متواضعة يشغل كل منها نحو خمس أسر نازحة .
أما انس الحماطي مدير مكتب مساعدات المانحين باليمن فقال في تصريح صحفي من مكان وجوده في جيبوتي:"حتى الآن لجأ أكثر من 7 آلاف يمني إلى جيبوتي، وقد تمكن ما يقارب 30 في المائة من اللاجئين من مواصلة الرحلة إلى وجهات أخرى، في حين تقطعت السبل بالباقين، وبقوا هنا في جيبوتي، في ظروف عصيبة، مع شح إمكانات الحكومة الجيبوتية وعدم قدرتها على مواجهة أعداد اللاجئين المتزايدة، خصوصا في ظل التوقعات بأن يبلغ عدد اللاجئين في حال استمرار الصراع مائة ألف لاجئ يمني.

الأمم المتحدة "حاضرة غائبة"


مع مطلع رمضان الجاري ، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إن أكثر من مليون يمني نزحوا من ديارهم منذ اواسط مارس الماضي كنتيجة للصراع الدائر هناك، وهو رقم يبدو ضئيلاً مع نزوح مدناً بأكملها لضراوة المعارك خاصة مدينتي تعز وعدن والضالع
لكن ستيفان دوجاريك قال "الأرقام تظهر أن اعداد النازحين مرشحة للزيادة
وكان القتال الدائر في البلاد قد فاقم من الأزمة الإنسانية ونقص الغذاء حيث يعاني حاليا حوالي 12.5 مليون يمني من نقص الأمن الغذائي بزيادة مليوني شخص مما كان عليه قبل الازمة.
ويهدف برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة لتقديم مساعدة إنسانية طارئة لحوالي 2.5 مليون شخص ويهدف للوصول إلى 12 مليون شخص بحلول نهاية العام الجاري.
وتعتبر الأزمة الإنسانية في اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية عالمياً ، حيث تؤكد الأمم المتحدة وجود أكثر من 10 ملايين يمني يعيشون في ظل انعدام الأمن الغذائي، وأكثر من مليون طفل دون سن الـ5 سنوات أصيبوا بسوء التغذية الحاد، فيما لا يستطيع نحو 13 مليون شخص الحصول على المياه النظيفة، ونحو 8 ملايين يحتاجون لخدمات الرعاية الصحية.
ويسعى برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وشركاؤه من المنظمات الإنسانية إلى توفير المساعدات والأغذية للنازحين من اليمن بعد تدهور الأوضاع في البلاد جراء الحرب التي تشنها الرياض، وسط اتهامات للمنظمة الدولية بالتباطؤ في عمليات الإغاثة باليمن.

وحذر البرنامج من التحديات والصعوبات التي يواجهها لإطعام الملايين من السكان الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي وسط الوضع الأمني المتدهور واحتمال تضاعف عدد الفارين من اليمن خلال الأسابيع القادمة.


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار المحلية
أمين عام حزب العدالة والحرية يهنئ بن شاجع بحلول شهر رمضان
مواضيع مرتبطة
صنعاء: معسرون في السجون اليمنية بانتظار الإفراج عنهم.. (الأسماء)
الصليب الأحمر الدولي يسلم اليمن أطنانا من المواد الغذائية
مصلحة التأهيل والإصلاح تفرج عن 2964 موقوفاً ممن قضوا مدة أحكامهم
ولد الشيخ: نحو تقارب سياسي يمني قريبا
الأمم المتحدة: خطوة واحدة تفصل اليمن عن المجاعة