تقرير ـ جمال الغراب
Jamal_00ye@yahoo.com

عدن ..لم يعد ثغرها باسماً،ولم تعد تلك الشواطئ الدافئة الحنون تمنح السعادة لسكانها،ولم تعد لياليها الصيفية ترقصُ نشوةً على نغماتِ البحر والساحلِ الذهبي، وجلد مور كما كانت عليه بالسابق !

شيءٌ واحدٌ فقط بات المسيطر على هذه المدينة "الموت " هكذا يقول أبناء عدن .

لا شيء يسودها الآن غير"الموت"حيث بات يحصد أرواح العشرات يوميا،يطال البسطاء، وعلية القوم...لا يفرق بين أحدٍ منهما، وإن تعددت وسائلهُ فالموت هو السائد!

وهنا أثبتت حكومة هادي فشلها الذريع في ضبط الأمن،وإعادة السلام للمدينةِ المنكوبة ،وإعادة الأمان الذي مرّ يوما ـ ما بشوارعها ،وشواطئها ،وأزقتها،كذلك التحالف العربي أثبت فشله ، في السيطرةِ على الوضع ،وإنهاء ما تعاني منه عدن من انفلات أمني لم تشهده المدينة عبر التأريخ .

 

لغةُ الموت

تكشف ذلك أعداد الجرائم المتصاعدة ، في المدينة ، بوتيرة عالية جداً ومخيفة...ففي شهر فبراير الماضي ، شهدت سلسلة مؤلمة من الأحداثِ المتسارعة في ظل الانفلاتِ الأمني الذي تم رصده .

حيثُ تصدرت المنصورة مديريات عدن كأكثر مديرية لاغتيالات الكوادر في المحافظه بــ(١٨) عملية تليها مديرية الشيخ عثمان بــ (٩) عمليات، و دار سعد بعمليتين و" كريتر" بعمليتين و" التواهي " بعملية وخورمكسر بعملية .

أما عدد الاغتيالات والهجمات الإرهابية التي شهدتها محافظة عدن كانت على النحو التالي (٣٣) عملية اغتيال و (٤) هجمات بسيارات مفخخة خلفت (٣٤) قتيل و (٤٣) مصاب، خلال شهر يناير المنصرم.

كما أن (٤) عمليات لم تحقق هدفها، فيما طالت البقية كوادر أمنية و مقاومة و قضاة وتجار و علماء دين و (٣) نساء.

اعتداء على عدد من المقرات الحكومية مصافي عدن ميناء الزيت و هناجر تموين السفن مبنى أدارة النقابات،و بعض المدارس التي تلقت تهديدات من عناصر متشددة وخاصة مدارس المنصورة والشيخ عثمان.حيثٌ توقفت العملية التعليمة في أكثر من مديرية بعدن وعدد من المناطق التي ينتشر فيها التنظيم ومناطق الاشتباكات مع الأمن.

تصاعد مخيف

وفي شهر فبراير الماضي شهدت عدن تصاعداً مخيفا للجرائم حيث سجلت ( 12) عملية اغتيال فضلاً عن محاولات اغتيال فاشلة بلغ عددها ( 9 ).

كما شهدت المحافظة (6) عمليات استهداف للمباني الأمنية والحكومية من خلال السيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية خلال الشهر نفسه. وشهدت المدينة أيضاً ( 6 ) حوادث اشتباكات مسلحة كان آخرها الاشتباكات التي وقعت في المعاشيق حيث القصر الرئاسي ، كما سجلت (6 ) حوادث أخري لعمليات تفجير متفرقة بعبوات ناسفة استهدفت نقاط التفتيش في المدينة.

 

سلسة اغتيالات

سلسة مؤلمة من الاغتيالات والتي تم رصده خلال شهر فبراير الماضي ،وكان أبرزها جرائم الاغتيالات للأسماء والمواقع .
اغتيال "عمار ثابت" أحد عناصر الأمن السياسي بمدينة الشعب عقب استهدافه من قبل مجهولين .

اغتيال صيدلاني يعمل في مستشفى البريهي ، وعثر على جثته في منطقة المملاح .

- اغتيال 3 من مرافقي العميد فضل حسن العمري (قائد محور العند ) في مدينة إنماء.

- اغتيال " ناصر سالم ناصر" على أيدي مجهولين في حي الميدان بـ كريتر.

- اغتيال الشيخ مازن العقربي برصاص مسلحين بمديرية المنصورة .

- اغتيال العميد ركن عبد ربه حسين الإسرائيلي قائد اللواء 115 والعقيد بالأمن السياسي جعبل علوي برصاص مجهولين في منطقة الممدارة بالشيخ عثمان

- اغتيال العقيد أدهم الجعفري ضابط الاستخبارات في حي عبود بمديرية خور مكسر.

- اغتيال الشاعر ناصر صالح المرفدي في شارع التسعين بمدينة المنصورة .

- اغتيال الشيخ عبد الرحمن مرعي العدني بمنطقة الفيوش .

محاولات اغتيال

- العثور على سيارة صالون سوداء وبداخلها عبوات ناسفة بجوار فندق المعلا بلازا.
- تفكيك عبوة ناسفة زرعت بسيارة أحد العسكريين بمديرية البريقة.

- ضبط سيارة مفخخة أمام مستشفى الأمراض النفسية بحي عمر المختار.
- تفكيك عبوة ناسفة في خور مكسر أمام منزل هادي .

- استهداف موكب محافظ محافظة عدن ومدير الأمن ومصرع 3 من المهاجمين وإصابة 5 من حراس المحافظ ومدير الأمن ووفاة احد المدنيين .
- تفكيك عبوة ناسفة زرعت في سيارة أحد منتسبي الأمن في المنصورة.

- محاولة اغتيال العقيد عيدروس الثوير أركان حرب اللواء 39 اثر كمين نصب له في خور مكسر.

- استهداف مدير أمن لحج العقيد عادل الحالمي في المنصورة ،
وكل ذلك بسبب الصراع القائم والغير معلن بين السعودية والإمارات على أرض جنوب اليمن ، وبإشراف من الرئيس هادي .

فوضى الانفلات

ومثلما شبح الموت لا يفرق بين مسئولٍ ولا مواطن بسيط ،فقد طالت سلسلة الاغتيالات الكثير، ونجا منها البعض بأعجوبة ،والبعض الآخر،كان وقودها لطيشِ الجماعات الإرهابية ،و التي تعيثُ قتلا وتدميرا في المدينة بعد أن انتشرت في جميع مديرات عدن بشكل كبير .

اشتباكات مختلفة
اشتباكات في المنصورة بين قوة أمنية ومسلحين يرفضون دخولها المديرية .
- مجموعة مسلحة على متن ثلاث سيارات شاص تهاجم - نقطة أمنية تابعة لشرطة البساتين في جولة الكراع.

- اشتباكات ليلية بين قوات حكومية ومسلحين في المنصورة وتحليق لمروحيات التحالف وسقوط عدد من القتلى والجرحى.

- مقتل 5 من المقاومة في هجوم مسلح على مركز شرطة البساتين في عدن - اشتباكات مسلحة بين أفراد من إدارة شرطة عدن و حراسات اللواء الثالث حرس على خلفية مساحة من الأرض في معسكر طارق بخور مكسر.

- اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة في منطقة معا شيق بين الحرس الرئاسي وعناصر المقاومة المكلفين بحراسة البوابة الخارجية .

استهداف مقرات

- رمي قنبلة يدوية على مركز شرطة البساتين دون إصابات .

- مجهولون يطلقون قذيفة أر بي جي تجاه هنجر لقوات الشرطة في مبنى إدارة الأمن ولا إصابات .

- رمي قنبلة صوتية تجاه منزل مدير مديرية البريقة.

- إطلاق قذيفتي أر بي جي على مبنى المجلس المحلي بالبريقة.

- مسلحون يهاجون حراسة بوابة ميناء المنطقة الحرة بقذيفة أر بي جي ميناء الحاويات بجولة كالتكس بالمنصورة .

- هجوم مسلح على مركز شرطة خور مكسر من قبل مجاميع مسلحة من أبناء شبوة وإخراجهم لسجين بالقوة .

تفجيرات انتحارية

شهدت مدينة عدن خلال شهر فبراير 2016 ثلاث عمليات تفجير بسيارات مفخخة واحزمة ناسفة وكانت كالتالي :

- مقتل طفل وإصابة 8 آخرين في حادث استهداف مدير أمن لحج العقيد عادل الحالمي .

- انتحاري يفجر نفسه بحزام ناسف14 في صفوف المجندين الجدد ويخلف 14قتيلا وأكثر من 50 جريح في معسكر رأس عباس في صلاح الدين في مديرية البريقة .

- مقتل أربعة جنود في هجوم انتحاري على نقطة تفتيش في مدينة دار سعد .

ألغام وعبوات

- انفجار لغم يودي بحياة ثلاثة أفراد وإصابة شخص من أسرة واحدة في منطقة العريش بخور مكسر.

- مقتل أسرة نتيجة سقوط صاروخ مجهول على منزلهم في بئر فضل يوم اشتباكات المنصورة.

- تفجير عبوة ناسفة بجوار سوق المواشي بالمنصورة .

- مصرع جندي و جرح آخرين في هجوم على نقطة أمنية بعبوة ناسفة بالقرب من فندق الصخرة بالتواهي.

- انفجار عبوة ناسفة على الخط العام الموصل إلى مدينة إنماء بالمنصورة ووفاة مدني .

- انفجار لغم بمنطقة بئر فضل يودي بحياة أسرة من عدن .

- ضبطت نقطة الوعرة بالضالع كميات كبيرة من المتفجرات والأحزمة الناسفة كانت على متن شاحنة نقل كبيرة متجهة الى عدن .
- اختطاف العميد صالح الحنش نائب مدير التوجيه المعنوي بعدن رئيس إحدى لجان صرف المرتبات مع نجله من جوار مستشفى البريهي .

- العثور على كميات هائلة من الألغام في الممدارة ونقلها إلى قسم شرطة الممدارة .

- العثور على جثث بشرية داخل معسكر الدفاع الجوي في منطقة بئر فضل.

 

فاجعة دار المسنين

الانفلات الأمني،ألقى بظلاله القاتمة على كل شيءٍ في مدينةِ عدن،لم تفرّق الجماعات الإرهابية،بين شيخٍ مسنٍ له وقاره،أو ديانة لها احترامها،وعدم تجاوز الحرية الشخصية،والتعايش مع الأديان الأخرى بسلام، وهو ما ينفيه ويرفضه تماما الدين الإسلامي الذي تسامح مع كل الأديان،فكيف بمن يقتلون باسم الدين،حيثُ لا تزال جريمة اقتحام "دار رعاية المسنين" في مدينة عدن جنوبي اليمن، وقتل 16 شخصاً تثير جدلاً واسعا على مستوى العالم ،إذ كشفت معلومات لاحقة عن اختطاف المسلحين لقس هندي كان موجوداً في المقرّ أثناء اقتحام الدار، فيما رُبط الحادث باتهامات للقائمين على الدار بممارسة "التبشير"، في حادثة أعادت إلى الأذهان، حوادث قتل مشابهة، خلال العقدين الماضيين في اليمن .
وكان مسلّحون قد اقتحموا "دار المسنين" في منطقة الشيخ عثمان، وأقدموا على قتل 16 شخصاً من جنسيات يمنية وهندية وإثيوبية، ومن بين القتلى أربع من الممرضات الهنديات اللاتي وصفن بـ"الراهبات"، وجرى إعدامهن داخل المقر بطرق بشعة وفي أماكن متفرقة من المبنى. فيما لا يزال مصير أزهونيلي مجهولاً، ولم تعلن أي جهة حتى اليوم، مسؤوليتها عن الحادث. على الرغم من أن العديد من المصادر تشير إلى أن الجريمة تحمل بصمات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، فيما نفى تنظيم "القاعدة" أن يكون له علاقة بالحادث. ولقيت الحادثة إدانات واسعة رسمية وشعبية في الأوساط الشعبية، باعتبارها جريمة استهدفت أبرياء مسالمين بدم بارد. ومن جهة ثانية، أعادت إلى الأذهان حوادث سابقة، ارتبطت بتهم "التبشير" في البلاد.

 

ورقةُ قاتمة السواد..!

ووفق ماسبق فإن مدينة عدن تتجه إلى مصيرٍ مجهولٍ،وقاتم السواد..وأُفقٍ ملبّد بغيومِ الحربِ التي أنهكتها ،فقد شُلت الحركة عن المدينةِ التي كانت فيما مضى لا تهدأ ،و لا تستكين،وبات شبح الموت يغتال الحياة ،والأحياء في شوارعها،وأزقتها،وشواطئها الجميلة،باتت هي الأخرى مخضبة بدماءِ سكانها ا،حيث توقفت عجلة التنمية،وانعدام الأمان،وتوقف التعليم،وسيطرت الجماعات الإرهابية على معظم المقار،وتجوال المسلحين الملثمين في شوارعِ المدينة،وسلسلة الاغتيالات، وعمليات السلب والنهب للمقار الحكومية والبنوك،والهجمات الإرهابية،كلها تقود لمصيرها المجهول،حيث يؤكد ذلك الفشل الذريع لحكومة هادي،والتحالف العربي الذي طالما تبجّح بسيطرته على الوضع الأمني في عدن.