يتسابق تنظيم القاعدة وخصومه على ترتيب وضع معين في جنوب اليمن خلال المرحلة الراهنة التي لا يمكن فصل الأحداث التي شهدتها عن هذا السباق أو عن هذا السياق.

ويدرك تنظيم القاعدة أن المعضلة الحقيقية التي ستواجهه مستقبلا تتمثل في انسجام "الحرب على الإرهاب" مع مطالب كثير من أبناء الجنوب، على خلاف ما كان عليه الوضع في السابق، حين كان التنظيم يستهدف من يعتبرها الجنوبيون أو كثير منهم قوات احتلال تابعة لسلطة صنعاء.

ويحاول التنظيم، من خلال نشاطه الأخير، أن يعرقل كل الترتيبات التي يرى أنها تستهدف مستقبل وجوده في الجنوب، وهو ما يفسر حرصه على تصفية قيادات عسكرية وأمنية وأخرى في المقاومة الشعبية، إذ من شأن عمليات كهذه أن تفرغ الجنوب من القيادات الأمنية والعسكرية ومن الشخصيات المدنية التي بمقدورها توجيه الرأي العام الجنوبي ضد التنظيم.

كما إن من شأن مثل هذه العمليات الحيلولة بين أبناء الجنوب وبين ما كانوا يحلمون به، حيث سيجدون أنفسهم أمام واقع غير مستقر لا يحث على تقديم تضحيات.

ومن المؤكد أن حرص الأطراف الدولية على توجيه الرأي العام الجنوبي لصالح هذه الحرب، وراء التجاوب أو التفاعل مع مطالب كثير من أبناء الجنوب، وهو أمر يزعج التنظيم الذي خصص يومين في الأسبوع لجلد كل من يطالبون بالانفصال إبان سيطرته على مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت.

ويتوقع مراقبون أن تشهد المحافظات الجنوبية عمليات إرهابية غير مسبوقة خلال المرحلة الراهنة، لأنها المرحلة التي ستحدد مستقبل تنظيم القاعدة ومستقبل الحرب عليه في تلك المحافظات، على اعتبار أن نشاطه بعد استقرار الوضع فيها سيثير نقمة أبناء الجنوب عليه، وهو ما يخشاه التنظيم، وهو أيضا ما يفسر تبنيه للعملية التي استهدفت القائد العسكري الشمالي، اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي، وعدم تبنيه للعملية التي استهدفت مدير شرطة عدن الجنوبي، العميد شلال علي شائع.

وتشير العمليات التي نفذها تنظيم القاعدة، أخيرا، إلى أنه يحقق نجاحات في هذا الجانب، وإلى أن استمرار الوضع معلقا بين الوحدة والانفصال يصب في صالحه أيضا.

ويبدو أن حملة الترحيل الأخيرة من عدن، لمواطنين ينتمون إلى محافظات شمالية، تستهدف هذا التعليق، ضمن السباق المذكور، خصوصا وأن شكل الدولة المستقبلي مرهون باتفاق كل أطراف الصراع في اليمن، وهو ما لا يبدو أنه سيتم قريبا.

*نقلاً عن الجنوب اليوم