المركز اليمني للإعلام يكشف أسباب تردي منظومة الخدمات في عدن (استطلاع
الإثنين 20 يونيو-حزيران 2016 الساعة 04 مساءً / المركز اليمني للإعلام - عدن- استطلاع خاص - جهـاد محسـن
عدد القراءات (3358)

على الرغم من مرور عام كامل على تحريرها من مسلحي الحوثي وصالح، والدعم اللا محدود الذي حظيت به من الامارات العربية المختلفة، إلا ان عدن تعيش اليوم ظروف سيئة وغاية في الصعوبة على مختلف المستويات الخدمية والاقتصادية والامنية. إذ يعاني المواطنون من اوضاع انسانية سيئة ومتدهورة، في صيف ساخن يندر فيه وجود الكهرباء مثلما هو حال مياه الشرب المتقطعة فضلا عن ارتفاع اسعار المشتقات النفطية، والتدهور المتفاقم في الجانب الامني. المركز اليمني للإعلام


تدهور القطاعات والخدمات العامة ومختلف جوانب الحياة في محافظة عـدن ضاعف من معاناة المدنيين الذين باتوا يعانون أوضاع إنسانية سيئة لم يسبق أن شهدتها المدينة، وذلك نتيجة للعجز الذي تعاني منه مؤسسات الدولة والدوائر المحلية وعدم قدرة السلطات الرسمية في تلبية أبسط الاحتياجات الرئيسية وتأمين قطاعات المياه والكهرباء والأمن ومختلف الخدمات والسلع الاساسية.

ومع تزايد تدهور الأوضاع الاجتماعية في عـدن تتزايد حدة الغضب والسخط الشعبي إزاء حالة الفشل والإخفاق التي ما انفكت تعتري خطط ونشاط مؤسسات الدولة، فالمعالجات إن وجدت فأنها تظل جزئية وليست جذرية بينما معاناة المواطنين غارقة في بحر متلاطم من الإخفاق والعجز الرسمي حيث لا تلوح في الأفق حتى الآن بشائر تعيد لو بصيص من الأمل والرجاء الذي ينتظره المواطن العدني.

الحكومة الشرعية برئاسة د. أحمد عبيد بن دغر والتي عادت إلى عـدن في الـ6 من يونيو الجاري مع أول أيام رمضان لتمارس مهامها من الداخل بعد إقامة خارجية دامت لأكثر من عام قضتها في العاصمة السعودية، عادت لتشكوا هي الأخرى من تراكم المشكلات والتحديات دون أن يتوفر لها برامج أو حلول طارئة لعشرات الملفات والقضايا التي باتت تنذر بمؤشرات كارثية قد تقود إلى الانهيار.

تردي خدمات توفير مياه الشرب 

منذ ما يقارب شهرين ونيف وعـدن تواجه أزمة مياه خانقة دون توفر مبررات رسمية واضحة بشأن أسباب انقطاع مياه الشرب عن معظم أحياء وحارات عـدن والتي لجأ سكانها إلى جلبها من آبار الجوامع وشرائها بواسطة "الوايتات"، لكن.. وبعد ارتفاع كلفة "الوايت" الواحد إلى 6000 ألف ريال اندفع الكثير من السكان إلى حفر الآبار وسط الحارات الشعبية والاصطفاف طوابير للحصول عليها في مشهد صعب أعاد إلى الأذهان ما عاناه سكان المدينة أثناء شهور الحرب الأخيرة.

وبرغم سيل المناشدات والاستغاثات التي يوجهها الأهالي لمسؤولي المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي بسرعة إنقاذهم من الرمضاء والعطش، إلا أن قيادة المؤسسة تقف عاجزة تماماً عن توفير المياه للمواطنين، وليس أمامها سوى التبرير بأن المؤسسة تعاني حالة انهيار وشيك ما لم تتداركه القيادة السياسية ودول التحالف العربي.
يرجع أحد المسئولين في مؤسسة مياه عـدن أسباب أزمة المياه إلى تحديات جمة تواجه المؤسسة تتمثل بالوضع المالي الصعب جراء امتناع المستهلكين عن دفع ما عليهم من مستحقات، فضلاً عن الاعتداءات على ممتلكاتها من منشآت وعربات وأعمال سطو طالت مضخاتها ومخصصاتها من الديزل ومعدات التشغيل التي أضرت كثيراً -حد كلامه- بمنظومة الصيانة وتهدد المؤسسة بالانهيار التام.


ولخص لـ(المركز اليمني للإعلام) جانب من التحديات والعوائق التي تواجهها المؤسسة في الوقت الحالي:

• انقطاع التيار الكهربائي باستمرار أنعكس سلباً على خدمة المياه وأصبح الاعتماد على المولدات الخاصة والوقود ما حمل المؤسسة أعباء مالية إضافية .
• غياب الدولة والوضع الأمني المتردي أتاح للعديد من ضعاف النفوس بانتهاك شبكات المياه وتنامي سرقة الموارد المائية.
• تضرر عدد من منشآت وشبكات المياه والصرف الصحي جراء المعارك المسلحة وعمليات التخريب المتعمدة.
• المطالبات المستمرة للعاملين برفع العلاوات وطلبات السلف والإعانات في ظل الوضع المالي المتردي وانعدام الدخل العام.
• الخلل في نشاط المؤسسة وعدم التزامها بالقوانين الخاصة بلوائح الخدمة المدنية في منح العلاوات والامتيازات المستحقة.
يوضح مسؤول قطاع مياه عـدن الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن عزوف المواطنين عن سداد الفواتير ساعد إلى حد كبير بإضعاف الموارد المالية اللازمة لتغطية نفقات الصيانة والتشغيل والتسبب بتدهور حاد للوضع المالي للمؤسسة، مشيراً إلى أن إجمالي عدد المستهلكين المشتركين في مؤسسة مياه عـدن 122,791 مشترك، قام بتسديد فاتورة التحصيل 6,886 مشترك -غالبيتهم من القطاع التجاري.

يضيف أن مستوى مبيعات مؤسسة مياه عـدن بلغت حتى مطلع العام الجاري حوالي 324 مليون و603 آلاف ريال، لكـن ما تم تحصيله فعلياً 79 مليون 348 آلف ريال لا غير، الأمر الذي أدى -حد قوله- إلى عجز مالي كبير في تغطية نفقات الصيانة والتشغيل، ناهيك عن العجز في دفع مرتبات وأجور موظفي وعمال المؤسسة البالغ عددهم 2065 موظفاً وعاملاً، فيما وصلت مديونية المؤسسة إلى حوالي 12 مليار ريال يمني بعد امتناع المؤسسات الحكومية والخاصة والمواطنين عن سداد ما عليهم من مديونيات.
وقال المسؤول في حديثه لـ(المركز اليمني للإعلام) بشأن إجمالي المياه المنتجة في مدينة عـدن خلال العامين الماضيين، إنها جمعت بمعدل 41.4 مليون متر مكعب، وسجلت كميات المياه المفقودة منها حوالي 16.87 مليون متر مكعب أي بنسبة فاقد بلغ 40.77%.

وحول متوسط عدد الآبار الارتوازية العاملة في عـدن، تحدث بأنها بلغت 110 بئر ارتوازي ما قبل الحرب الأخيرة التي شهدتها المدينة نهاية مارس العام المنصرم، مشيراً إلى أن أهم 3 حقول لضخ المياه إلى مديريات ومناطق مدينة عـدن أصبحت تعمل حالياً بأقل من ضعف طاقتها نتيجة ما تعرضت له من عبث وتخريب.
وتحدث عن أن إجمالي طول شبكة مياه عـدن تبلغ 1094 كيلومتراً، تغطي نسبة 74.98% من الخدمات السكانية المنزلية والتي تضخ بواسطة 3 محطات ضخ رئيسية و5 فرعية، فيما يبلغ طول شبكة الصرف الصحي في عـدن 365 كيلومتراً، وتوفر الخدمات السكانية المنزلية بنسبة 63.86% بواسطة 62 محطة ضخ رئيسية وفرعية.
وأشار إلى أن مؤسسة مياه عـدن تمتلك 3 حقول رئيسية وفيها عشرات الآبار الارتوازية التي يعضها تعرضت للنضوب، والأخرى للتلوث نتيجة حفر بؤر مياه المجاري العشوائية بالقرب منها.

مختتماً أن ما يزيد عن نسبة 48% من محطات ومولدات الضخ لمياه الاستهلاك والصرف الصحي في عـدن أصبحت خارج الخدمة جراء المعارك الأخيرة، وسلوك الإهمال والتخريب الذي يطال مضخاتها وأنابيبها، حسب قوله.


مشكلة الكهرباء مستمرة

لم تعد ضعف منظومة توليد الكهرباء في عـدن المعاناة الأبرز لدى سكان المدينة بل زادها الخلافات القائمة بين شركة النفط فرع عـدن والمؤسسة العامة للكهرباء من جهة وشركة "عـدن جلف" لمالكها الشيخ أحمد العيسي من جهة أخرى، والذي تتهمه السلطات المحلية برفض تفريغ حصة مؤسسة كهرباء عـدن من مادتي الذيزل والمازوت، ونتيجة ذلك الخلاف توقفت العديد من محطات توليد الطاقة الكهربائية عن وظيفتها ما أدى إلى زيادة فترة الانقطاع عن أحياء ومديريات المدينة إلى 18 ساعة في اليوم الواحد في سابقة لم يعرفها سكان عـدن من قبل، يضاف إلى ذلك استمرار عملية التلاعب بمخصصات الذيزل والمازوت من قبل بعض المتنفذين والموظفين المعنيين الذين يستغلون غياب رقابة ومساءلة الدولة.

وتبرز قضية الكهرباء كواحدة من المشكلات الأساسية التي تعاني منها عـدن في ظل تصاعد مؤشرات الوضع كارثي نتيجة ما تمر به المؤسسة العامة للكهرباء من أزمة وعجز في مستوى توليد الطاقة العامة والتي انخفضت إلى أقل من 125 ميجاوات، مقابل تراكم مديونية المؤسسة مع مطلع العام الجاري إلى (خمسة وعشرين مليار، وثلاثة مائة مليون ريال) منها نحو: (تسعة مليار وثلاثة مائة مليون ريال) مديونية الدوائر الحكومية، وتدني نسبة تسديد المشتركين لفواتير استهلاكهم إلى 15%، وهو ما خفض نسبة توفير المتطلبات والقطع اللازمة لصيانة المولدات وخطوط الإمداد التي تحتاج إلى تكلفة كبيرة تتطلب من الحكومة والجهات الداعمة سرعة توفيرها لإنهاء الوضع الإنساني الصعب في عـدن.

يوضح وكيل وزارة الكهرباء محمد الخضر، حجم الاحتياج الفعلي الذي تحتاجه عـدن اليوم من الطاقة الكهربائية كحد أدنى 400 ميجاوات في حين أن الطاقة الفعلية المتوفرة الآن لا تزيد عن 125 ميجاوات موزعة على محطة الحسوة 33 ميجاوات- محطة المنصورة 25 ميجاوات- محطة مايو 28 ميجاوات- محطة خور مكسر 31 ميجاوات- محطة حجيف 8 ميجاوات، وذلك إثر توقف نشاط "شركة الطاقة السعودية" التي كانت توفر طاقة مؤجرة بقدرة 64 ميجاوات، وإنهاء العقد مع "شركةA.P.R للطاقة" والتي كانت توفر 60 ميجاوات من الطاقة المؤجرة ليبلغ إجمالي الطاقة الكهربائية المنسحبة في عـدن خلال هذا العام 124 ميجاوات، أي فقدان ما يوازي 50% من الطاقة التي كانت تلبي احتياجات المدينة خلال الـ3 السنوات المنصرمة.

تكفلت دولة الإمارات بتسديد ما يقارب 25 مليون دولار قيمة المستحقات المتأخرة لشركات بيع الطاقة عقب تخلف المؤسسة المحلية عن تسديدها لأكثر من عام، كما قامت بدفع عقود الصيانة والتشغيل لـ62 وحدة تشغيلية كدعم خاص قدمته لقطاع الكهرباء في عـدن.

وبحسب ما كشفه مسئولون إماراتيين خلال اجتماع رسمي عقدوه مع قيادة مؤسسة كهرباء عـدن في الـ5 من مارس الماضي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة ممثله بالهلال الأحمر الإماراتي قدمت خلال عام 2015م ما يزيد عن 441 مليون ريال سعودي لدعم قطاع الكهرباء في مدينة عـدن وحدها، توزعت ما بين تسديد مستحقات شركات الطاقة المتأخرة على المؤسسة، واستمرار التعاقد مع شركات مؤجرة أخرى، واحتساب مخصص لتوفير فلترات وزيوت ومواد ذات جودة عالية لتشغيل المحطات القائمة وشراء وتركيب مولدات جديدة، إضافة إلى تكفل الإمارات بدفع مرتبات عدة أشهر لموظفي وعمال المؤسسة.
المركز اليمني للإعلام

ووفقاً لمحضر الاجتماع فقد عبر الإماراتيون عن امتعاضهم إزاء ما يحدث في أورقة مؤسسة كهرباء عـدن، قائلين: "حتى لو دفعت الإمارات - مليار دولار- لدعم قطاع الكهرباء فلن تجدي نفعاً مادام الحال كما هو عليه الآن". 

على الرغم من كثرة وعود السلطة المحلية والحكومة اليمنية بقرب انفراج مشكلة الكهرباء في محافظة عـدن، إلا أنه وبحسب مصادر مطلعة فأن جهود معالجة المشكلة بصورة جدية وجذرية مازالت متعثرة بسبب مماطلة جهات وشخصيات حكومية تبحث عن حصتها من خلال صفقات مشبوهة وتحاول بفعل إصرارها على رفض استثمار القروض والمساعدات المقدمة من "الإمارات وقطر وتركيا" لإنشاء محطة توليد حكومية، والعمل على إبقاء نظام استئجار وتوريد الطاقة بالتعاقد مع شركات خارجية عاملة بهذا المجال، وهو ما يفسر طلب رسمي تقدم به رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر للحكومة التركية بتحويل 100 مليون دولار كانت قد خصصتها تركيا لدعم المساعدات الغذائية لليمن بهدف استثمارها في مجال الكهرباء.

فيما لم تُعرف بعد النتائج الرسمية لزيارة الوفد التركي الذي زار مدينة عـدن في مايو الماضي لمعاينة مواقع تركيب المولدات الكهربائية الحديثة وبقدرة توليد 161 ميجاوات، إن كانت تهدف في إطار تنفيذ ما وعدت به الحكومة التركية الرئيس -هادي- أثناء زيارته الأخيرة للعاصمة أنقرة بدعم قطاع الكهرباء في عـدن، نجد رجل الأعمال اليمني صالح فريد الصريمة يكشف في وثيقة بعث بها إلى رئيس مجلس الوزراء، يعبر فيها عن استغرابه لتجاهل الحكومة لطلب تقدم به بإنشاء محطة كهربائية مركزية لعـدن بقدرة 500 ميجاوات وخلال 3 أشهر، فيما تقوم بطرق سرية بتوقيع عقود مع شركات تركية بتزويد عـدن بمحطات كهربائية.
عقب الغموض الذي رافق زيارة الوفد التركي والصفقات المبهمة التي أبرمت معه، ظهر الرئيس -هادي- مجدداً ليعلن أن دولة الإمارات ستعمل على دعم مؤسسة كهرباء عـدن بقدرة توليد 200 ميجاوات، وحاولت الحكومة تسويق موقف الإمارات على أنه مجرد مكرمة إنسانية مجانية قدمتها لإنقاذ سكان عـدن من الوضع الصعب الذي يعيشونه، قبل أن تتضح الأمور بأنه لم يكن سوى مجرد قرضاً مالياً قدمته الإمارات ووقعه في الـ8 من يونيو الجاري وزير الكهرباء اليمني مع المدير التنفيذي لصندوق أبوظبي للتنمية، وصدر بموجبه قرار جمهوري في 13 يونيو بالمصادقة على اتفاقية قرض إماراتي لتمويل كهرباء محافظة عـدن، بمبلغ قدره 174 مليون و234 ألف درهم إماراتي، ما يعادل تقريباً 12,893,316,000 ريال يمني.

ونص القرار مادة (1): "المصادقة والموافقة على اتفاقية القرض لتمويل كهرباء محافظة عـدن المبرمة بتاريخ 8 يونيو 2016م، فيما بين الجمهورية اليمنية ممثلة بوزارة الكهرباء والطاقة (الطرف الثاني) وبين حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة بصندوق أبوظبي للتنمية (الطرف الأول) بمبلغ أجمالي وقدره (174 مليون و234 ألف درهم إماراتي)، والمخصص منها مبلغ 148 مليون و109 ألف درهم لشراء قطع الغيار ومواد شبكة توزيع الكهرباء، واستئجار محطة "جلوبال" لمدة 6 أشهر، وشراء طاقة إضافية تضاف ملكيتها لمؤسسة كهرباء عـدن، ومبلغ وقدره 26 مليون و125 ألف درهم لقيمة وقود الديزل بمقدار 13 طناً والذي تم شراؤه بصورة عاجلة من قبل الطرف الأول للطرف الثاني مع بداية شهر رمضان للعام الميلادي 2016م".
يكشف في السياق لـ(المركز اليمني للإعلام) مسؤولاً محلياً على إطلاع بلقاءات الإماراتيين مع قيادة محافظة عـدن، أن الجانب الإماراتي كان يرغب الاستثمار في مجال الطاقة المحلية، لكن بعد أن لمس سوء الإدارة العامة وغياب الوعي العام عند المواطنين في تسديد الفواتير، حول استثماره إلى توقيع اتفاقية تمنح بموجبها الحكومة اليمنية قرضاً محسوب الفوائد ويراعى فيه إعادة استئجار محطة الطاقة "جلوبال" السعودية التي سبق التعاقد معها عام 2013م لتوليد طاقة في محافظة عـدن بقدرة 54 ميجاوات، لكنها سرعان ما أوقفت خدماتها مع أول شهر تخلفت فيه الحكومة اليمنية عن تسديد مستحقاتها، حد قوله.


انعدام المشتقات النفطية
ليست أزمة الماء والكهرباء وحدها ما كدرت حياة مواطني عـدن وجعلتهم يستقبلون شهر رمضان بمزيد من المعاناة والمرارة.
حيث شهدت المدينة منذ بداية شهر رمضان اختفاء مفاجئ للمشتقات النفطية وانعدامها بالكامل في جميع المحطات دون أن يصدر بيان أو تعليق من جهات الاختصاص عن سبب اختفاء المشتقات النفطية من الأسواق والتسبب بعرقلة الحياة وإرباك مصالح الناس مع أول أيام الشهر الكريم.
ولا تزال السلطات الرسمية في عـدن تلتزم السكوت حيال الأزمة ومسببات نشؤها، ولم تقم حتى الآن بجهود ملموسة لتدارك أثارها على كل نواحي الحياة وانقاد المدينة من حالة التدهور والجمود التي باتت تعيشه مختلف القطاعات العامة والخاصة.
يصف الكثير أزمة انعدام المشتقات النفطية في عـدن بالمفتعلة، وهناك من يراها بأنها نجمت بفعل فشل الإدارة المحلية عن تلبية أبسط الاحتياجات الملحة ما ساعد من تكدير الوضع المعيشي لسكان المدينة وتحميلهم أعباء إضافية لا تحتمل، لاسيما بعد أن ارتفعت تكلفة أجور المواصلات العامة بنسبة ارتفاع 35% في الخطوط الداخلية في ظل غياب نشاط مكتب النقل البري ونقابة المواصلات العامة لضبط أجور النقل المفترضة بدلاً من إخضاعها لمزاجية ملاك وسائل النقل والحافلات الخاصة.
يبرر بعض عمال شركة النفط في عـدن أن ما تشهده المحافظة من انعدام كامل للمشتقات النفطية يأتي جراء نفاذ مخزون مادتي البنزين والديزل من صهاريج شركة مصافي عـدن، واستمرار رفض وتعنت التاجر المتعهد بتوريد النفط إلى عـدن بتفريغ شحنات النفط المتواجدة على بواخره الراسية في أرصفة ميناء الزيت التابع لمصفاة عـدن على الرغم من استلامه كامل قيمة الشحنة.

يقول بهذا الصدد مصدر قيادي في شركة مصافي عـدن، أن هناك جهود مازالت تبذلها جهات محلية ورسمية لإقناع التاجر بتفريغ ما بحوزته من شحنات النفط والديزل والمازوت مقابل منحه شيكات آجلة كضمان لحقوقه المالية لدى شركة النفط اليمنية.
ويكشف لـ(المركز اليمني للإعلام) أن مالك "شركة عرب جلف" أحمد العيسي، وافق الأسبوع الماضي بتفريغ 2000 طن من الوقود، لكنه رفض إفراغ الشحنة كاملة، مطالباً بدفع فارق مالي تحت مسمى ضريبة تأخير، بالإضافة إلى أسباب أخرى لم يذكرها المصدر.

يضيف أن التاجر حاول مؤخراً إخراج سفنه من ميناء الزيت لكنه واجه بممانعة عاملي الميناء الذين أصروا على بقاءها إلى حين انتهاء المفاوضات معه بشأن إفراغ ما تبقى معه من شحنات.
تصاعد أزمة انعدام المشتقات النفطية في عـدن والتي عكست ضلالها على زيادة حدة انقطاعات الكهرباء، ونفاذ المخزون النفطي الخاص بشركة النفط والذي كان يصل إلى 37 ألف طن، دفع بقيادة المحافظة وشركة النفط إلى استيراد مادتي الديزل والمازوت الخاصة بمحطات مؤسسة كهرباء عـدن من دولة الإمارات العربية والتي كانت قد وصلت سفنها قبل أيام محملة بـ14 ألف طن من الديزل والمازوت، لكنها لم تلبي حاجة الطلب في الأسواق لأكثر من يومين لتعود الأزمة مجدداً للظهور حتى اللحظة.
ومازالت جميع محطات التموين في عـدن متوقفة عن العمل ما ساعد بظهور السوق السوداء والتي تراوحت فيها سعر الدبة الواحدة للنفط سعة 20 لتراً ما بين 25,000 ريال إلى 3,000 ريال، ودبة الديزل سعة 20 لتر ما بين 20 ألف إلى 15 ألف أمام مرأى ومسمع السلطات المحلية التي لم تحرك ساكن لوضع حداً لهذه المأساة المتفاقمة في المدينة والوقوف أمام تصاعد مؤشر الكارثة في تدهور مستوى الخدمات العامة.

أزمة غاز الطبخ تتزايد
في سياق الأزمات والأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها سكان عـدن، تأتي أزمة انعدام غاز الطبخ المنزلي لتضيف حالة من الاختناق والإحباط الشعبي الذي أصبح محاطاً ومحاصراً بالأزمات والمنغصات ويعيش لحظات صعبة في تامين غذائه وتجسم عناء البحث عن أسطوانة غاز المطبخ في ظل تزايد المتطلبات والاحتياجات الرمضانية الملحة.
الكثير من أسر المدينة لجأت إلى توفير احتياطات بديلة عن أسطوانة غاز الطبخ بعد انعدامها من الأسواق المحلية، وزيادة الطلب على شراء الحطب والتناوير لطهي طعام الفطور والسحور، بعد أن كان اعتمداها على الأفران وأدوات الطبخ الكهربائية، والتي هي الأخرى لم تعد تلبي حاجة العائلات داخل البيوت في ظل تواصل انقطاع التيار الكهربائي لأوقات طويلة ومضنية.
وتأتي إشكالية تفاقم أزمة انعدام غاز الطهي في مدينة عـدن مع بداية شهر رمضان وسط تساؤلات شعبية عن أسباب انعدامه واختفائه من السوق المحلية لأكثر من 10 أيام متتالية.
ومازالت السلطات المحلية تتكتم عن أسباب وبواعث الأزمة في حرمان الأسر من أهم احتياجاتها اليومية، فيما شركة الغاز الوطنية مازالت تغص البصر أن سعر أسطوانة الغاز التي أضحت تجلب من محافظات مجاورة وتباع في السوق السوداء بعبوة 20 لتر، ما بين مبلغ 5 إلى 6 آلاف ريال، وهذا المبلغ يعتبر مبلغاً كبيراً يفوق الإمكانيات المادية المحدودة لأهالي عـدن، فيما تقوم عدد من المراكز والوكلاء المعتمدين لدى شركة الغاز الوطنية في عـدن، بتوريد حصتها إلى السوق السوداء وبيعها بسعر مضاعف وسط الشوارع والطرقات الرئيسية دون حسيب أو رقيب.
وتبقى التساؤلات قائمة حول ما يدار خلف كواليس قيادة محافظة عـدن بشأن تحديد هوية المتسببين الحقيقيين في أزمة غاز الطبخ المنزلي، بالإضافة إلى من يحتمل مسؤولية تدهور مختلف القطاعات الخدمية والجوانب الإنسانية في هذه المحافظة التي عانت طويلاً ولازالت تعاني من حرمان أبسط استحقاقاتها كمدينة من حقها أن تنعم بالأمن والأمان والسلم والاستقرار.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
رمضان في اليمن.. حرب وحر وأسعار جنونية
نجوم في الجبهة.. الدراما اليمنية تعيش الحرب
اليمنيون في رمضان.. تقشف اضطراري
الحديدة .. محافظة تحترق ولا يحق لها أن تتذمر
مفاوضات الكويت.. تقدم في المسار الإنساني وتعثر في السياسي