قمة عربية بعد عاصفة الحزم
السبت 23 يوليو-تموز 2016 الساعة 07 مساءً / المركز اليمني للإعلام - RT
عدد القراءات (2974)

قبل عام ونصف، أيدت القمة العربية، التي عقدت في شرم الشيخ، "عاصفة الحزم" باستثناء بعض الدول، التي رأت أن الحرب ستفاقم الأزمة اليمنية بدلا من أن تكون حلا للصراع.

سيجتمع القادة العرب في العاصمة الموريتانية من جديد وسط تطورات كثيرة شهدتها الساحة اليمنية والمنطقة بشكل عام، وتبين خلالها أن الحسابات كانت خاطئة لدى التحالف والحكومة اليمنية؛ فلم تتمكن قوات التحالف من هزيمة الحوثيين وقوات الرئيس السابق كما كان متوقعا، ولَم تنته الحرب خلال أشهر كما خُطط لها؛ بل فتحت أبواب مأساة عربية جديدة من التشرد والجوع والدمار.

فخلال القمة السابقة كانت غالبية البلدان العربية متحمسة للعمليات العسكرية السعودية في اليمن؛ لكنها اليوم لم تعد كذلك. حتى الدول الفاعلة في التحالف السعودي باتت تدرك يقينا أن القوة غير مجدية، وأن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة اليمنية، وأن مباحثات السلام الجارية بين الحكومة المدعومة من الرياض والحوثيين وأتباع الرئيس السابق لا تزال تمثل الفرصة المؤاتية لتسوية سياسية تلملم جراح اليمنيين، والتفرغ لإعمار ما دمرته الحرب في الأرض وفي النفوس أيضا.

وبما أن المتوقع هو أن يقف القادة العرب في القمة ليساندوا الموقف الخليجي، فإنهم لن يتمكنوا من تقديم أي دعم حقيقي للمباحثات، أو الضغط على الطرفين لتقديم تنازلات صعبة لتطبيق الحلول السياسية، التي بات الجميع مؤيدا لها وإن اختلفوا حول ترتيب تطبيقها. ولهذا، فإن مقررات القمة ستكون امتدادا للمواقف السعودية الداعية إلى التزام الحوثيين وأتباع الرئيس السابق بالانسحاب من المدن وتسليم الاسلحة مقابل إشراكهم في حكومة جديدة تتولى إدارة المرحلة الانتقالية والتحضير لانتخابات عامة.

وكما كان موقف الجزائر وسلطنة عمان والعراق وإلى حد كبير لبنان معارضا لفكرة الحرب واستخدام القوة لإنهاء انقلاب الحوثيين على سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وفي ظل استمرار غياب سوريا عن القمة، فإن المشهد الذي تجسد في قمة شرم الشيخ سيتكرر في العاصمة الموريتانية؛ لكنه هذه المرة لن يدعم الحرب واستمرارها، بل سيؤيد مباحثات السلام وسيتمسك بمرجعياتها الثلاث: قرار مجلس الامن والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

ولأن القول بفقدان الجامعة العربية تأثيرها وفاعليتها في معالجة القضايا العربية لم يعد نوعا من الادعاء، فإن اليمنيين لا يراهنون على صدور موقف فاعل من قمة نواكشوط يفرض خيار السلام وينهي معاناتهم مع القتل والتشرد والجوع. كما أن التشدد الواضح في مواقف المتحاربين على طاولة المباحثات في الكويت وعودة المواجهات العنيفة الى جبهات القتال أضعف آمالهم بإمكانية انتهاء الحرب قريبا.

وفي ظل انشغال معظم الدول العربية بمشكلاتها الداخلية، وغياب الدور الفاعل للجامعة العربية، فإن دول الخليج انفردت بالتعامل مع الملف اليمني. وزاد من خطورة الوضع هناك تنامي الجماعات الإرهابية، واستفادتها من استمرار القتال في التوسع والانتشار وإذكاء نيران الخلافات المذهبية؛ وهي مخاوف يشاطرها فيها المجتمع الدولي، خصوصا أن اليمن يشرف على مضيق باب المندب أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، الذي يوجد بالقرب من أهم مناطق إنتاج النفط في العالم.

وعليه، فإن الرهان على دور المجتمع الدولي في ممارسة ضغوط حقيقية على طرفي الحرب في اليمن سيكون أكثر تأثيرا. وسواء اقتنعت أطراف القتال بضرورة أن يكون ذلك حاليا أو رغبت في الاستمرار بالقتال لبعض الوقت، فلا خيار أمام دول التحالف والأطراف اليمنية إلا الإقرار بالتعايش والإدارة المشتركة.

محمد الأحمد


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
عقدة الشرعية تهدد السلام في اليمن
أسطوانات الغاز.. قنابل موقوتة في بيوت اليمنيين (تحقيق)
عدد ساعات صيام رمضان 2016 فى جميع أنحاء العالم
تاريخ الهجمات الانتحارية من الألف إلى الياء..
محكمة إيطالية: سرقة الطعام ليست جريمة إن كنت مشرداً وجائعاً