الفنان يحيى السنحاني وعلاقته بالرئيس الحمدي واسرار تكشف لاول مرة
الخميس 09 مارس - آذار 2017 الساعة 12 صباحاً / المركز اليمني للاعلام – متابعات (العربي)
عدد القراءات (2601)
 

الفنان يحيى السنحاني

في الفترة التي أعقبت ثورة 26 سبتمبر، ظلت بعض المفاهيم المغلوطة التي خلفتها عهود الظلام ملاصقة لليمنيين وحبيسة لذاكرتهم، ومن تلك المفاهيم "احتقار الفن". بفعل ذلك، سعى الرعيل الأول من الفنانين اليمنيين إلى تغيير الصورة النمطية المشوهة، وأخذ على عاتقه تنفيذ هذه المهمة التي اعتبرها رسالة مقدسة. واعتُبرت فترة ما بين منتصف الستينات ومنتصف السبعينات البداية الحقيقية للحركة الفنية الحديثة المتخصصة في الدراما والمسرح في شمال اليمن. وفي تلك الفترة، برزت أسماء لنجوم كان لها التأثير الكبير على المجتمع اليمني، من بينها الفنان يحيى حمود السنحاني، الذي يعتبر من مؤسسي الحركة الفنية في اليمن

 


مؤسس للمسرح والتلفزيون 
كان السنحاني كاتباً وممثلاً وأديباً وسيناريست ومخرجاً مبدعاً لمع صيته في المسرح والإذاعة والتلفزيون. ففي العام 1969م، قدم هو وورفاقه من الصف الأول للفنانين اليمنيين أول عمل مسرحي في مصنع الغزل والنسيج، صادف أداؤه في يوم عيد العمال. وبعدها قدم للمسرح اليمني مسرحيات "الخبز والعلم"، "الجزاء"، "إبليس وصورته"، "مدرسة المغفلين"، وهي المسرحية التي حضرها رئيس الوزراء اليمني، آنذاك، محسن العييني، الذي اعترف بالفرقة رسمياً، واعتبر ذلك قفزة نوعية وبداية جادة لتأسيس مسرح حقيقي في اليمن الشمالي. كما أن السنحاني كان من مؤسسي التلفزيون اليمني في صنعاء، وأول عمل قدمه للتلفزيون في العام 1975 هو مسلسل "من قارب الكير يحرق"، وبعده، شكل فرقة فنية خاصة بالتمثيل، ليتبعها بمسلسل "الوجه المستعار" عام 1978.


صديق الرئيس 

كانت تربطه علاقة جيدة مع الرئيس الراحل، إبراهيم الحمدي
وكانت تربطه علاقة جيدة مع الرئيس الراحل، إبراهيم الحمدي، وكان الأخير يشجعه ويشيد به في أكثر من مناسبة، بل إن العلاقة بينهما تخطت ذلك؛ فبعد أن كان الرئيس الحمدي يصدر أي قرار سياسي أو اقتصادي، كان يستدعي السنحاني ويطلب منه أن يدعم القرار بتجسيده فنياً، عن طريق الاسكتشات المسرحية أو التمثيليات الإذاعية والتلفزيونية. لكن علاقته الجيدة بالسياسيين لم تطل، فبعد اغتيال الحمدي تعاقب على حكم اليمن الشمالي عدد من الرؤساء، وخلال فترات حكمهم كان السنحاني يقدم عدداً من الأعمال الفنية الملامسة لهموم وقضايا المواطن اليمني بطريقة نقدية لاذعة، كبرنامج "حجر ولا جليس" وبرنامج "كلمة وعشر سوا"، وعلى إثر تلك الأعمال ساءت العلاقة الإيجابية بين السنحاني والسياسيين، الذين كانوا يتخوفون من أعماله. 
عُين السنحاني ملحقاً ثقافياً لليمن في دمشق، ثم عاد إلى اليمن ليواصل مسيرته الفنية. سافر لعدة دول منها ألمانيا، ويقول البروفيسور، عصام القرودع، وهو طبيب يمني، في حديثه إلى "العربي"، إنه "خلال فترة دراستي في برلين عام 1988م، شرفني الفنان يحيى السنحاني بحضوره إلى شقتي لتناول وجبة الغداء معي. وكان يشكو لي بحرقة الوضع السيء الذي كان يمر به فنانو اليمن، وكيف كانت الدولة آنذاك تحبطهم وتعمل على قتل مواهبهم

تضحية
نخبة من نجوم الفن والاعلام اليمني كزهرة طالب، ومديحة الحيدري، ومحمد الشرفي، ورؤوفة حسن، ونبيل حزام، ويحيى إبراهيم، ومحمود خليل، وغيرهم، شاركوا السنحاني البطولة في مسلسلات عدة، أشهرها "رماد الشوك"، "شاهد عيان"، "الوجه المستعار"، "قد كان ما كان كان"، "يستاهل البرد"، "حكاية صابر"، "كل يوم حكاية"، "خليك معي"، "أوراق مسافر". واشتهر السنحاني بتقديمه أعمالاً فنية وصفها النقاد بـ"كوميديا الموقف"، البعيدة عن التهريج. وعندما زار الفنان المصري، عادل إمام، صنعاء، التقاه السنحاني، وقال له "يا عادل إمام... أنا لو كنت من مصر لكنت في مكانك، وأنت لو كنت في اليمن لكنت اليوم في مكاني". عبارة أوجز فيها السنحاني حال الفنان في بلاده. 
وخلال فعاليات "صنعاء عاصمة الثقافة"، كُرم السنحاني بدرع الثقافة اليمنية. وخلال التكريم، تحدث للصحافة قائلاً إن "التكريم يعتبر رد اعتبار لموقف الفنان المبدع الذي عانى ولا زال يعاني، وهو شيء من الأساسيات للفنان، لأن التكريم يعتبر مولوداً جديداً٬ ولا بد ما نعاني ونضحي، فالفن في أرواحنا وأجسادنا وأعماقنا، فلا يهمني مادة ولا أي شي، ما يهمني هو إعادة المسرح". وتميز السنحاني بنشاطه الدائم لإثراء الفن والدراما اليمنية، وكان ذا قدرات عالية. الفنان عبد الكريم المتوكل، وهو من الأصدقاء المقربين للسنحاني، يقول، في حديثه إلى "العربي"، "ترك السنحاني بصماته في كل ما يتعلق بالدراما والكوميديا اليمنية. كان شعلة وشمعة مضيئة من خلال إبداعاته وتألقه وأخلاقه الحسنة مع زملائه ومع كل الناس. ورغم جهوده الكبيرة وتضحياته من أجل إبراز الفن والدراما والتلفزيون في اليمن، إلا أنه لم يحصل على جزء بسيط من التشجيع المعنوي والأدبي والمادي. وخلال مسيرته الفنية، لم يترك أموالاً كثيرة كغيره من مشاهير الفن في الوطن العربي، سوى شقة بسيطة وسيارة متواضعة". 
ويؤكد المخرج عبد الرحمن دلاق، بدوره، في حديث إلى "العربي"، أن "السنحاني يمتاز بعزة النفس، ولا يمكن أن يطلب من أحد من المسؤولين شيئاً هو بحاجته، مهما كلفه الأمر. وفي ذات يوم، طلب أحد المسؤولين من السنحاني أن يقدم له مالاً أو أي خدمة، لكن السنحاني رفض".
ولد الفنان يحيى السنحاني عام 1950 في صنعاء، وهو الأخ الأصغر لأربعة إخوة. تزوج في سن متأخرة، وظل ساكناً مع إخوته في منزلهم بصنعاء القديمة في الفترة الأخيرة. وظل ما يزيد عن 7 سنوات يعاني من مرض عضال، في ظل تجاهل الجهات الرسمية في البلاد لمعاناته، حتى توفي في 5 مارس 2017، وصلي عليه في جامع قبة المهدي، ووري الثرى في مقبرة خزيمة بصنعاء.

 

*نقلا عن موقع ( العربي) – علاء الدين الشلالي


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
الصحفي أشرف الريفي يفوز بجائزة أفضل تقرير صحفي عن قضايا المرأة في سوق العمل
المنظمة الدولية للهجرة: نحو 273 ألف شخصاً نزحوا من منازلهم في محافظة تعز
شبكة اليمن للتمويل الأصغر تدرب في إدارة المخاطر
واشنطن تحذر من مخاطر الألغام المزروعة في مضيق باب المندب
محافظ تعز يؤكد تحويل مرتبات القطاع التربوي