الأزمة اليمنية..مزيد من التعقيدات بعد فشل « جنيف »
السبت 27 يونيو-حزيران 2015 الساعة 09 مساءً / حسام كمال الدين
عدد القراءات (1213)
بدأ بالخلاف حول نسب التمثيل لكلا الوفدين المشاركين، وفد الحكومة ووفد الحوثيين، وانتهي علي وقع الشجار والتعارك بالأيدي والتراشق بالأحذية والسباب والتنابز بالألفاظ، هذا هو ملخص مؤتمر جنيف حول الأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث فشل المؤتمر في تحقيق الحد الأدني المأمول وهو عقد هدنة إنسانية خلال شهر رمضان لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلي بلد أصبح علي شفا "المجاعة" علي حد وصف المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ.
وأمام كل ذلك يبقي المشهد اليمني حافلا بالتحديات ومغلفا بالعنف، دون أفق واضح لحل الأزمة التي تتجه نحو مزيد من التعقيد، مع استمرار تردي الوضع الإنساني المتفاقم في البلد الفقير المنهك، حيث أعلن المبعوث الدولى ولد الشيخ أمام جلسة لمجلس الأمن عن وجود 21 مليون يمني بحاجة إلي المعونة الغذائية والدوائية مقارنة بنحو سبعة ملايين قبل عامين، بينما ذكر تقرير حديث لبرنامج الغذاء العالمي أن 6 ملايين يمني يواجهون مخاطر الجوع الحقيقي والكامل، بالإضافة إلي تفشي الأمراض المتوطنة كان آخرها حمي الضنك التي حصدت أرواح المئات.
وخلال الجلسة حث مجلس الأمن الدولي جميع الأطراف في اليمن علي حضور محادثات السلام في المستقبل، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلي الدولة الفقيرة التي يتزايد فيها خطر المجاعة، وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت حاجتها إلي 1٫6 مليار دولار لليمن خشية وقوع كارثة إنسانية وشيكة. وتوازيا مع ذلك قرر وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، خلال اجتماعهم الطارئ حول اليمن في مدينة جدة السعودية الذي تزامن مع مؤتمر جنيف، عقد مؤتمر عالمي إنساني حول اليمن في شهر رمضان المبارك، وأعلن إياد مدني الأمين العام للمنظمة التعاون الإسلامي، إياد مدني أن الاجتماع أقر إنشاء فريق اتصال وزاري مختص بالشأن اليمني، وعقد مؤتمر يدعم المجهود الإنساني بالتنسيق مع الحكومة اليمنية والجهات والمنظمات العاملة في هذا المجال.

وخرج بيان "التعاون الإسلامي" مؤيدا وداعما للشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، والجهود التي يبذلها لتحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي لليمن واستئناف العملية السياسية، وطالب مجلس الأمن بممارسة المزيد من الضغوط علي الحوثيين لتنفيذ القرار 2216 دون قيد أو شرط، وأكدوا دعم نتائج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي وافقت عليه الأطراف والقوي والأحزاب السياسية اليمنية، استنادا إلي مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية. وبالعودة لجلسات مؤتمر جنيف التي لم تجمع أعضاء الوفدين علي مائدة واحدة، بل دارت عبر وساطة المبعوث الدولي، تشبث كل منهما بموقفه المتصلب، فالوفد الحكومي جاء لمناقشة سبل تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216، كجزء من المبادرة السعودية لحل الأزمة في اليمن والمدعومة أمريكيا، والذي يطالب الحوثيين بالانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها وإلقاء أسلحتهم، وشدد خالد بحاح نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء علي رفض الحكومة اليمنية ما يسمي بـ"الهدنة الإنسانية" ﻷنها حق يراد به باطل وستستخدم ﻷغراض التوسع والتكتيك، وهو ما قوبل بالرفض الحوثي في ظل ما يستند إليه من دعم قوات وأنصار الرئيس السابق عبد الله صالح، إلي جانب ما يحظي به الحوثيون من دعم إيراني في هذه الحرب.

ورأي محللون سياسيون أن جولة جنيف أظهرت عمق الأزمة بين طرفي الصراع في اليمن، وعدم وجود مشتركات يمكن البناء عليها، خاصة الحوثيين الذين لا يبدون أي رغبة في تقديم ما يثبت جديتهم لإنهاء الصراع، وكأن ما كان يعنيهم من الذهاب لجنيف هو الظهور أمام المجتمع الدولي بمظهر الطرف القوي الذي لا يجب إغفاله.

واستغل الحوثيون عقد المفاوضات في تكثيف عملياتهم العسكرية في عدن وتعز ومأرب والجوف، وتفجير المنازل بما فيها منازل تابعة لأعضاء الوفد الحكومي، لتحقيق تقدم في عدد من جبهات القتال لفرض شروطهم في المفاوضات.

وبالتزامن مع عقد مفاوضات جنيف شهد اليمن موجة عاتية من التفجيرات الانتحارية بالسيارات الملغومة في مؤشر خطير علي "عرقنة" الأحداث في اليمن، استهدفت خمسة منها مساجد ومقرات سياسية تابعة للحوثيين ومنازل لقياديين بالجماعة بصنعاء. وحملت التفجيرات بصمات تنظيم "القاعدة"، حيث أعقبت الإعلان عن مقتل زعيم "القاعدة" في جزيرة العرب ناصر الوحيشي، والخطر الداهم كان في تبني تنظيم "داعش" لتلك التفجيرات كإعلان رسمي عن دخوله علي خط الأزمة بكل ما يعنيه ذلك من تنامي العنف والاقتتال علي أساس طائفي، وهو مستنقع إن سقط فيه اليمن فلن يصبح من السهل الخروج منه.

وبالرغم مما سبق فإن المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد ما زال متفائلا بشأن إحراز تقدم علي المستوي السياسي لحلحلة الأزمة، حيث أعلن عن تكثيف جهوده خلال الأيام المقبلة للاتفاق علي موعد جديد لانعقاد مفاوضات "جنيف2" . لكن يبقي أن أفق التوصل لحل للأزمة ليس مرتبطا فقط بالأطراف اليمنية وحدها، وإنما هناك أطراف إقليمية ودولية لابد أن تلعب دورا فاعلا من خلال ممارسة ضغوطها علي الطرفين من أجل القبول بالتسوية السياسية. أول تلك الأطراف المملكة العربية السعودية ومن خلفها دول الخليج وحلفاؤها التي استجابت لنداء الرئيس هادي بالتدخل لحماية الشرعية وقادت تحالفا عربيا شن هجمات علي مواقع المتمردين لإجبارهم علي الانصياع للشرعية، وعلي الطرف الآخر يبرز الدور الإيراني الذي يشكل عاملا مهما نحو إمكانية التوصل لحل سياسي حال ممارستها نوعا من الضغط علي الحوثيين بدفعهم لتقديم تنازلات تضمن لها الوجود الفعلي علي خريطة المشهد السياسي المستقبلي في اليمن. ودوليا يأتي دور الولايات المتحدة الأمريكية التي يمكن أن تمارس ضغوطاً فعلية علي الطرفين.

وبين هذا وذاك يظل الدور العماني هو الأهم والأخطر في تحريك الأزمة، فسلطنة عمان التزمت الحياد في تعاملها مع جميع الأطراف منذ نشوب الأزمة، ولم تشارك في قوات التحالف لقناعتها بالحل السلمي، كما تمتلك عمان علاقات جيدة تربطها بجميع الأطراف خاصة إيران. وقد رعت السلطنة المشاورات المكثفة التي مهدت الطريق لمفاوضات جنيف، حيث زارها وزير الخارجية الإيرانية عدة مرات، ووفد من الحوثيين ووفد من الحكومة اليمنية، والمبعوث الدولي، وكل هذا يصب في قدرة عمان علي لعب دور فاعل ومؤثر بما لديها من رصيد وخبرات تفاوضية وعلاقات متميزة تمكنها من ممارسة ضغوط علي طرفي الأزمة من أجل التوصل لتسوية للأزمة اليمنية.


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
"داعش" اليمن... محاولات إثبات وجود ومنافسة "القاعدة"
أكثر من 2 مليار دولار خسائر القطاع الكهربائي جراء العدوان السعودي
أكثر من 600 حالة مرضية مهددة بالوفاة بشرى ليست سارة وقريباً ..مستشفى نصر الضالع يغلق أبوابة
اليمن: سلع فاسدة وأسعار مرتفعة في رمضان
صنعاء رمضان ملتهب لم تبرده قطع الثلج