السعودية بين حرب استنزاف في اليمن وفوضى تنظيم الدولة
الأحد 05 يوليو-تموز 2015 الساعة 01 مساءً / المركز اليمني للإعلام-القدس العربي
عدد القراءات (1224)
            

الحرب في اليمن بدأت تطاول أحيانا الأراضي السعودية من خلال بعض الصواريخ (القليلة التأثير) التي يطلقها الحوثيون بين حين وآخر على مناطق جيزان ونجران، ولكن رغم ذلك لا يشعر السعوديون بان هناك حربا تقودها بلادهم في اليمن لمنع التمدد الإيراني على حدود بلادهم.

والسعوديون يواصلون حياتهم في شهر رمضان كما تعودوا في سنينهم الماضية ولا يشعرون بان هناك حربا مستمرة عند حدودهم الجنوبية، حتى انهم لم يعودوا يعطوا اهتماما كبيرا لمتابعة تطورات هذه الحرب بقدر ما يتابعون باهتمام أكبر اخبار تنظيم الدولة الذي ضرب بإرهابه الأسبوع الماضي الكويت بعملية تفجير اجرامية جديدة نفذها شاب سعودي سافر من الرياض إلى الكويت لينتحر ويقتل معه 26 مصليا مسلما، لا ذنب لهم سوى انهم كانوا يصلون الجمعة في مسجد يرتاده كويتيون مسلمون عرب شيعة، وكأن الصلاة في مساجد الشيعة أصبحت ذنبا عند مجرمي تنظيم الدولة.

والسعودي الشاب الذي نفذ تفجير الكويت وهو، فهد سليمان القباع، لم يكن من الأشخاص المشتبه بهم وبتطرفهم لدى السلطات الأمنية السعودية، وهذا يعني ان لتنظيم الدولة اتباع وخلايا نائمة تشكل وقودا لهذا التنظيم الذي يسعى بكل قوة لنقل إرهابه للمملكة.

وهذا ما يقلق الجهات الأمنية السعودية التي تقوم بدورها بملاحقة خلايا واتباع التنظيم والمروجين للفكر التكفيري.
ويوم الجمعة الماضي لاحقت القوى الأمنية خلية من اتباع هذا التنظيم في مدينة الطائف الجبلية غرب المملكة وبعد اشتباك بالأسلحة استطاعت قوات الأمن اعتقال ثلاثة من أعضاء هذه الخلية ولكن رابعهم تمكن من الفرار.

الخطير في الأمر انه ما زال هناك في المملكة شباب يسعون للانضمام للتنظيم وهؤلاء لا شك انهم وليدو الفكر المتشدد الذي يدفعهم للتطرف والارتماء في أحضان التنظيم، وهذا يعني انه ما زال هناك من يروج للفكر المتشدد.

وما كشفته عملية تفجير مسجد «الصالحية «في الكويت هو وجود شبكة اتصال وتواصل بين التنظيم واتباعه في السعودية والكويت وربما في دول خليجية أخرى، مكنت الانتحاري السعودي من الوصول إلى الكويت وقدمت له الحزام الناسف الذي فجر به نفسه، وقبل ذلك قدمت له المعلومات اللازمة عن مكان العملية.

أي انه رغم كل الرقابة الصارمة للاجهزة الأمنية السعودية على أي اتصالات لشبكة تنظيم الدولة، ورغم الملاحقات الحثيثة والمتواصلة إلا ان التنظيم قادر على اختراق كل هذا وقادر على تجنيد بعض الشباب السعودي والوصول إليهم وتكليفهم بمهام انتحارية وتزويدهم بما يحتاجون لذلك.

ومن أجل ذلك اجتمع وزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت مساء الخميس الماضي، ليس للتعبير عن وقوفهم إلى جانب الكويت، بقدر البحث في كيفية نجاح التنظيم في توسيع عملياته الإرهابية التفجيرية، وفي مخاطر وجود شبكة «خليجية « للتنظيم ستحرك خلاياه للضرب في دول خليجية أخرى.

هذه الحرب التي تقودها السعودية ضد تنظيم الدولة ستصبح حربا خليجية شاملة لان المخاوف هي ان يكون التنظيم هو الأداة التي ستسعى لنشر الفوضى الدامية إلى السعودية والخليج العربي مثلما انتشرت في سوريا والعراق وليبيا وتنذر بانتشارها في مصر.
واحتمالات ( أو بالاصح مؤامرات) انتقال الفوضى الدامية إلى المملكة امر بدأ يقلق بعض السعوديين مسؤولين ومواطنين.
ولكن الكل يراهن على الأمير محمد بن نايف ولي العهد ووزير الداخلية الذي دحر إرهاب «القاعدة « ويحارب الآن بكل حزم إرهاب تنظيم الدولة في ان ينجح بالتصدي لمؤمراة تصدير الفوضى الدامية للمملكة.
ولكن يبقى هناك الموضوع اليمني وحرب اليمن التي تبدو انها أصبحت حرب استنزاف للسعودية ودول الخليج الأخرى.
فالحرب في اليمن أنهت شهرها الثالث ولا شيء يلوح في الأفق بان هذه الحرب ستضع أوزارها قريبا، ولا تبدو هناك أي بوادر لحل سياسي لهذه الأزمة رغم ان المبعوث الدولي لليمن زار الرياض وعاد لجولاته المكوكية باحثا عن حل يفتح الطريق المسدود الذي وصل إليه مؤتمر جنيف اليمني الشهر الماضي. 
 
والحكومة اليمنية الشرعية عرضت على المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، سبعة مقترحات آلية لتنفيذ القرار الأممي 2216، تتضمن تشكيل قوة عسكرية وأمنية عربية مشتركة تتولى المراقبة على انسحاب الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح من المدن، إضافة إلى عقد مؤتمر اقتصادي بدعم أممي لوضع أسس لخطة شاملة مدعومة من مجلس الأمن لإعادة المهجّرين والنازحين من مدنهم. وأوضح المصدر المسؤول أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عرض خلال لقائه مع إسماعيل ولد الشيخ أحمد الخميس الماضي في الرياض، آلية تتضمن إعلان جميع الأطراف، لا سيما الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس السابق صالح، الالتزام بالقرار الأممي 2216 الذي صدر في أبريل/نيسان الماضي، من دون قيد أو شرط، وكذلك إعلان الميليشيات الحوثية رسميًا قبولها بالتحول للعمل السياسي وحلها، وتسليم أسلحة الدولة والكف عن ممارسة مهام السلطة الشرعية وعودة مؤسسات الدولة لممارسة مهامها الدستورية والقانونية، وتمكين الحكومة من العودة إلى أرض الوطن خلال أسبوعين من تاريخ اعتماد هذه الآلية.

ولكن لاشك ان الحوثيين وعلي صالح لن يقبلوا بمثل هذه المقترحات التي لا تحمل جديدا بالنسبة إليهم، وتحالف التمرد (الحوثيون وعلي صالح ) يراهنون بصمودهم على الأرض ضد الغارات الجوية التي يشنها عليهم تحالف «عاصفة الحزم»، ويراهنون على ان حكومة عبد ربه منصور هادي الشرعية غير قادرة على تحقيق أي اختراقات في المعارك العسكرية البرية الدائرة في العديد من مناطق اليمن، وهذه الحكومة تثبت الأحداث انها أضعف من ان تنشئ جيشا موحدا أو حتى كتائب وألوية محترفة عسكريا وقادرة على التصدي لقوات الجيش اليمني السابق الموالي لعلي صالح، وثلاثة أشهر من الغارات الجوية والاسناد العسكري والدعم اللوجستي السعودي لقوات «المقاومة الشعبية « في عدن وما زالت هذه القوات غير قادرة ليس على طرد الحوثيين وقوات علي صالح من عدن، بل غير قادرة على فك الحصار عن هذه المدينة أو حتى على توفير ظروف آمنة لانزال بحري في ميناء عدن، وكذلك الأمر في مدينة «تعز» التي ما زال الحوثيون وقوات صالح صامدون فيها للشهر الثالث رغم هجمات القوات الموالية للشرعية.

وضعف حكومة هادي جعل الأصوات تعلو في اليمن ضد هذه الحكومة «اللاجئة في الرياض» وغير القادرة على العودة إلى أي مدينة في جنوب اليمن.
واستمرار الحرب في اليمن للشهر الرابع دون ان تحقق السعودية انتصارها العسكري المطلوب، رغم انها أوقفت المد الإيراني، يجعل الأمور تبدو فعلا كأن حرب اليمن هي حرب استنزاف للسعودية، تواكب سعي تنظيم الدولة لنقل الفوضى الدامية إلى المملكة وشقيقاتها الخليجيات.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
الحالة الحوثية “الشيعية” في اليمن
هل كان سقوط الجوف بيد الحوثيين بسبب الخيانة؟
تقرير خاص :
رمضان .. اليمنيون يقهرون الظلام بفاتورة باهظة
الأزمة اليمنية..مزيد من التعقيدات بعد فشل « جنيف »
"داعش" اليمن... محاولات إثبات وجود ومنافسة "القاعدة"