كيف ساهمت بريطانيا في كارثة اليمن وتحويلها إلي سوريا جديدة؟
الإثنين 06 يوليو-تموز 2015 الساعة 02 مساءً / المركز اليمني للإعلام-ميدل ايست اونلاين
عدد القراءات (1175)
       

ساهمت المملكة المتحدة بفعالية في خلق كارثه إنسانيه في اليمن، وبالتالي تحويل أفقر دولة في منطقة الشرق الأوسط إلي سوريا جديدة.

وهذا الكلام ليس مجرد كلاما أجوفا أو مبالغة في القول، ولكن الواقع بالفعل يقول ذلك. سأترك ذلك للآخرين في محاولة لتفسير الصمت شبه الكامل على هذه المسألة في جميع أنحاء وسائل الاعلام البريطانية ومختلف ألوان الطيف السياسي. وفي الوقت الراهن، سيكون كافيا أن نورد أحداث القصة لتتضح الصورة.

فقد أعلنت الأمم المتحدة مؤخرا أقصي درجات الطوارئ الإنسانية في اليمن، حيث يحتاج أكثر من 21,1 مليون شخص (أي 80% من تعداد السكان) إلي مساعدات عاجلة، ويعاني حوالي 13 مليون شخص من نقص في الأغذية، و 9.4 مليون شخص من قله المياه. كما أعلنت منظمة الصحة العالمية قبل أسبوعين تفشي وباء حمى الضنك في اليمن، وتسببه في حدوث وفيات، وتضرر أكثر من ثلاثة آلاف شخص منذ مارس/أذار الماضي، جراء تردي الأوضاع الصحية والخدمية وانعدام مياه الشرب نتيجة انقطاع الكهرباء. وقد بلغ مجموع النازحين داخليا الآن مليون نسمة، وربع مليون لاجئ في الخارج.

وألقت وكالات الإغاثة باللوم في المقام الاول علي الائتلاف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، ويشمل دولا مثل قطر والإمارات العربية المتحدة ومصر، وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، الذين أدي حصارهم الجوي والبحري إلي تفاقم الأوضاع سوءا في اليمن الفقير بالفعل. فقد بدا الائتلاف هجومه في أواخر مارس/أذار الماضي، عندما دخل السعوديون وحلفاؤهم في الصراع الأهلي اليمني إلي جانب الرئيس «عبدربه منصور هادي» ضد حركه التمرد الحوثي الشيعية في الشمال المدعومة من إيران، وتمثل هذه الحملة اتحاد قوات أغني الدول العربية لقصف وتجويع أفقرها، وذلك بمساعده اثنتين من أغني وأقوي دول العالم.

ومنذ البداية، تعهدت الحكومة البريطانية بمساعده السعوديين «بكل وسيله فيما عدا المشاركة بالقوات»، وتضمن ذلك الدعم اللوجيستي والتقني المستمر للقوات الجوية السعودية (التي تستخدم الطائرات الحربية بريطانية الصنع في حمله القصف ضعف عدد الطائرات التي تتوفر لدى كامل سلاح الجو الملكي البريطاني)، بالإضافة إلي مواصلة إمداد الذخائر، وأيضا عمل موظفي اتصال القوات البحرية الملكية البريطانية جنبا إلي جنب مع نظرائهم السعوديين في فرض الحصار علي اليمن. وتقدم تقارير وسائل الاعلام تنويهات غير منسوبة بين الحين والآخر بشأن حث البريطانيين السعوديين على ضبط النفس، ولكن قيمة العلاقات العامة لهذا محدودة نظرا للدعم المادي المستمر بغض النظر عن التكلفة البشرية. الإعلان الأخير من جانب المملكة المتحدة بالتبرع بـ40 مليون جنيه إسترليني، استجابة لنداء الاستغاثة الأممي، للمتضررين في اليمن يعد بمثابة إهانة، إذ يعد هذا المبلغ قطرة في بحر من الاحتياجات لمعالجة كارثة تسببت الحكومة البريطانية في خلقها.

ويتجاوز العدد الرسمي للقتلى منذ مارس/أذار الآن ثلاثة آلاف، وهي نسبة أعلى من صراع الصيف الماضي في غزة، وإن كان ذلك في بلد مثل اليمن التي تحوي العديد من المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها، والعدد الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك. وفي الأيام الأولى للحرب، اتهمت منظمة العفو الدولية القوات التي تقودها السعودية بــ«غض الطرف عن القتلى من المدنيين والمعاناة»، في أعقاب الغارات الجوية على مصنع ومخيم للاجئين الذي قتل فيها نحو 80 شخصا. وفي أوائل شهر مايو/أيار، أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش تحديدها «أدلة موثوقة» تفيد بأن السعوديين كانوا يستخدمون القنابل العنقودية المحظورة، والتي تمثل تهديدا طويل الأمد للمدنيين بطبيعتها. وفي الأسبوع الماضي؛ نشرت كل من هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية تقارير تتهم القوات التي تقودها السعودية بتنفيذ غارات جوية على أهداف مدنية بارتكاب جرائم حرب محتملة. أوجه التشابه مع الأصوليين الدينيين الآخرين من قتل وترويع المدنيين في المنطقة لا تنتهي عند هذا الحد. وتتهم عالمة الآثار «لمياء الخالدي» السعوديين بالاستهداف المتعمد لمجموعة يمنية غنية من المواقع التاريخية التي لا تقدر بثمن، في حملة «التخريب» التي هي «من الصعب تمييزها عن الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.

مثل العديد من البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، فقد كان اليمن مسرحا لاحتجاجات واسعة منذ أوائل عام 2011، ما أثار كلا من القمع السياسي والمظالم الاقتصادية الحادة. لقد انتقل السعوديون وحلفاؤهم في الخليج إلى تهدئة الوضع مع الحفاظ على النظام القائم عن طريق هندسة استبدال الرئيس «علي عبد الله صالح» بنائبه «عبدربه منصور هادي»، والذي أدار البلاد بالتزكية لرئاسة قصيرة المدى انتهت رسميا في العام الماضي. وفشلت العملية الانتقالية في معالجة المشاكل العميقة الجذور في البلاد، وحصل الحوثيون على مساحة للتحرك في العاصمة صنعاء، والذين تحالفوا مع قوات لا تزال موالية لـ«صالح».

ما تحتاجه اليمن في هذه المرحلة تسوية عن طريق التفاوض لوقف الانزلاق نحو مستنقع العنف. بدلا من ذلك، فإن بريطانيا جنبا إلى جنب مع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن الدولي أصدروا قرارا منحازا بشدة دعم التدخل السعودي، كما لو كان ملوك شبه الجزيرة العربية حماة وقابلات ذات مصداقية للانتقال باليمن إلى الديمقراطية، مفضلين مصالح شعبها في القلب. الحرب التي يشنها السعوديون قد نجحت فقط في تصعيد العنف وعدم الاستقرار أبعد من ذلك، وصار تحقيق السلام عن طريق التفاوض إلى أبعد منالا بكثير. وكما كان الحال في سوريا، فإن اشتراك الجهات الفاعلة الدولية في استخدام مشاكل اليمن الداخلية كساحة للأجندات السياسية الجغرافية الخاصة والخصومات وسكب الزيت على النار، قد ساعد على توسيع مساحة الفوضى التي يهرع المتطرفون من تنظيم القاعدة و«الدولة الإسلامية» الآن لسدها وملء فراغها.
ولأجل الحفاظ على تحالفها الاستراتيجي طويل الأجل مع الرياض، وحماية استثماراتها في النظام الإقليمي المحافظ، لم تساعد لندن فحسب في خلق كارثة إنسانية في اليمن، ولكن أيضا دعمت تمكين منحى السياسة الخارجية العدوانية المرعب في ظل حكم الملك السعودي الجديد. تدمير اليمن والعديد من الطرق رسالة من الملك «سلمان» لإيران، والذي تردد أنها تدعم الحوثيين بجدية، وإن كان هناك مبالغة في الأمر. وينبع تنافس الرياض وطهران في الأساس من السعي إلى الاستحواذ على القوة الإقليمية وليس الدين، لكنه الآن يسير في اتجاه العنف والطائفية بشكل صريح، ومن خلال دعمها السعوديين في الحرب ضد الحوثيين، فإن بريطانيا تدفع كلا من اليمن والمنطقة ككل إلى عمق الهاوية.
ويناقش السياسيون والمحللون في لندن أفضل طريقة لمعالجة مشكلة الإرهاب في الشرق الأوسط منذ الهجوم الإرهابي المزدوج، الذي استهدف فندقين بمدينة سوسة التونسية، والذي خلف 39 قتيلا وحوالي 40 جريحا، لكن الحل الأمثل يتمثل في ضرورة وقف الحكومة البريطانية تأجيج الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والمساهمة في خلقه.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
مواضيع مرتبطة
السعودية بين حرب استنزاف في اليمن وفوضى تنظيم الدولة
الحالة الحوثية “الشيعية” في اليمن
هل كان سقوط الجوف بيد الحوثيين بسبب الخيانة؟
تقرير خاص :
رمضان .. اليمنيون يقهرون الظلام بفاتورة باهظة
الأزمة اليمنية..مزيد من التعقيدات بعد فشل « جنيف »