السوريون في اليمن: تعلموا من هذا السخاء
الموضوع: اليمن في الاعلام
f

سوريا ربيعٌ لم يُزهر، وفي اليمن نصفُ ربيعٍ ونصف ثورة وركامٌ هائلٌ من المشكلات والأزمات. في أوضاع كهذه قدم آلاف السوريين إلى اليمن فرارا من جحيم العنف في بلدهم. على الأرجح أن أغلبهم كان يدرك منذ الوهلة الأولى أن اليمن ليست جنة الأحلام، إلا أن لسان حالهم يقول: "حنانيك بعض الشرُّ أهونُ من بعض ".
تقاسم

يتقاسم اللاجئون السوريون مع أشقائهم اليمنيين كل تفاصيل المشهد؛ ابتداءً من فرص الحياة والتعليم والعمل، وانتهاءً بالأزمات المتعددة التي تطحن برحاها أغلب اليمنيين. صبحي، شاب دمشقي، جاء إلى اليمن قبل عام ونصف وافتتح مطعماً صغيراً في شارع حده بالعاصمة صنعاء، يعتبر أن الحياة في اليمن لا تختلف عنها في سوريا حتى قبل الحرب: "كنتُ في سوريا معتمداً على نفسي، وكان لدي مطعمٌ، واليوم أنا أعمل في نفس المهنة وأجني ذات المداخيل ".
ويعترف أبو محمود، ذو الأربعين عاماً، بأنه لم يواجه مصاعب تتعلق بالحياة في اليمن: "يدرس ابني في مدرسة حكومية بالعاصمة صنعاء، ويستطيع السوريون هنا أن يدرسواْ في المدارس والجامعات اليمنية، سواء الحكومية أو الخاصة، وليس هناك من عائقٍ سوى الطاقة الاستيعابية لهذه المنشآت، وهذا العائق يتساوى فيه اليمني مع السوري ".
مفوضية بلا تفويض

في مقر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التقينا بالسيد جمال النجار، المسؤول الإعلامي بالمفوضية، والذي أخبرنا بداية أنه لا تتوفر لديهم إحصائيات دقيقة عن عدد اللاجئين السوريين في اليمن، مبرراً ذلك بالقول: "يصل السوريون إلى اليمن عبر المطارات بصفة زائرين، ولا يأتي إلا القليل منهم بعد ذلك ليسجل اسمه في المفوضية كلاجئ، ومن تم تسجيلهم إلى الآن لا يتجاوزون 2000 شخص، وهذا العدد لا يشكل سوى نسبة قليلة من العدد الإجمالي للسوريين الموجودين في اليمن ".
وعن الخدمات التي تقدمها المفوضية بالتعاون مع الحكومة المحلية، قال النجار: "خلال الأيام الماضية تقدمتْ المفوضية باقتراح إلى الحكومة بأن تمنح اللاجئين السوريين حق "الحماية القانونية المؤقتة"، حتى تتمكن المفوضية من العمل تحت غطاءٍ قانونيٍ محلي يسمح لها بأداء دورها في مساعدة اللاجئين ".
متسولون

يواجه اللاجئون السوريون في اليمن اتهامات تتعلق بممارسة البعض منهم للتسول، غير أن أغلب السوريين الذين استطلعنا آراءهم ينفون هذه التهمة. سامر، لاجئ سوري يدرس الماجستير في إحدى الجامعات اليمنية، يؤكد: "من يمارسون التسول هم طبقة اجتماعية تعرف بالغجر، ولا يعبرون سوى عن حالة خاصة ".
ويتفق محمد، وهو الشاب السوري ذو العشرين ربيعاً، مع ما قاله سامر: "هؤلاء الغجر متسولون حتى في سوريا، ولا يجيدون عملاً آخر سوى التسول، وحتى لو وفرتَ لهم فرصة للحياة الكريمة فلن يتنازلواْ عمّا اعتادواْ عليه ".
تناقض ولكن ..
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وإبان الأحداث التي شهدتها سوريا آنذاك، نزحت مئات العائلات السورية إلى اليمن. أبو سامح، أحد أولئك السوريين، يرى أن الموقف الرسمي في اليمن أصبح مختلفاً: "بعد التغيير الذي حصل في اليمن صار الإعلام الرسمي مناصراً للثورة السورية، بينما إعلام النظام السابق يؤيد النظام الحاكم في سوريا"، وعلى المستوى الشعبي يعتقد أبو سامح، وهو يعمل كأستاذٍ في إحدى الجامعات الخاصة، أن هناك تناقضات حادة في النظرة إلى الحالة السورية: "الحوثيون يؤيدون النظام السوري، بينما يقف تيار "الإخوان المسلمين" هنا إلى جانب المعارضة". ومع كل هذه التناقضات والتباينات فإن أياً منها لم يؤثر سلباً على واقع اللاجئين السوريين، وفقاً لما يراه أبو سامح .
قوة عظمى

يعيش المواطن اليمني على أقل من دولارين في اليوم، وهو من أقل المعدلات على مستوى العالم، ومع ذلك فإن اليمن يحتضن مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين، من الصومال وأثيوبيا وسوريا والعراق وغيرها، ولا يشعر المواطن اليمني بأي عدائية تجاههم، وهذا ما حدا بالسيدة نكوليتا جيوردان، ممثل المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، أن تقول في وقتٍ سابق: "كان اليمن ولا يزال، بلداً سخياً و كريماً بشكل منقطع النظير مع اللاجئين، حيث يشارك اليمنيون عن طيب خاطر مواردهم المحدودة وليس هناك أي نوع من العداء في حياتهم اليومية مع الأجانب من كافة البلدان"، وتضيف: "يجب على العالم أن يتعلم من سخاء اليمن الذي أظهره على مدى العقود الماضية، هذا إذا كنا نريد تجنب الكوارث في المستقبل ".
ويذهب السيد يعقوب الحلو، المدير الإقليمي السابق للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، إلى حد القول ذات مرة عن اليمن: "هناك طريقة وحيدة نصف بها اليمن، إنه قوة إنسانية عظمى ".

نقلاً عن موقع هنا صوتك

المركز اليمني للاعلام - متابعات
الثلاثاء 17 يناير-كانون الثاني 2017
أتى هذا الخبر من المركز اليمني للإعلام:
http://yemen-media.info
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
http://yemen-media.info/news_details.php?sid=26580