ماذا تعرف عن الشيخ محمد حسين عامر "رحمه الله "
الموضوع: أخبار المحلية

الشيخ محمد حسين عامر

رغم مرور 18 عاماً منذ أن رحل عن الدنيا، إلا أن صوته ما زال يتردد صداه في كل بيت، وما زالت القنوات والإذاعات المحلية تتسابق على بث تلاواته لآيات القرآن في كل يوم من أيام شهر رمضان، حتى أضحى اسمه مرتبطاً بهذا الشهر لدى اليمنيين، وأصبح من مشاهير القراء في العالم الإسلامي. إنه الشيخ محمد حسين عامر، شيخ القراءات السبع، الفقيه العالم، والمنشد البارع، مؤسس مدرسة القراءة اليمنية الحديثة للقرآن الكريم. كان، رحمه الله، يتمتع بصوت عذب ميزه عن غيره من قراء عصره، وكان يتمتع بذكاء خارق رغم فقدان بصره منذ نعومة أظفاره. قال عنه الشيخ الحصري: «هو اقرأنا لكتاب الله».


طفولته
ولد الشيخ الحافظ، محمد حسين عامر الظاهري، في العام 1938م في قرية الظواهرة بسواد الحدأ في محافظة ذمار ونشأ فيها، وأصيب بالعمى في الشهر السادس من عامه الأول. مكث في قريته 9 سنوات، وبدأ في خلالها حفظ القرآن على يد والده، الشيخ حسين عامر، الذي كان أيضاً مصاباً بالعمى، ثم اصطحبه أبوه مع أخيه الراحل أحمد وأخته فضة إلى المدرسة الشمسية في رداع، لكنهم لم يمكثوا كثيراً هناك، وانتقلوا مع والدهم إلى صنعاء عام 1947م بحسب نصيحة خالهم الذي كان يعمل موظفاً إدارياً في منطقة ريمة.
يقول الشيخ محسن محمد وازع، وهو من أصدقاء الشيخ عامر، في حديثه إلى «العربي»: «أتذكر أن الشيخ محمد حسين عامر كان يحكي لنا ظروفه عندما جاء إلى صنعاء قاصداً الجامع الكبير، الذي كان يعتبر إحدى أكبر المدارس العلمية في اليمن، وعندما قدم الى الجامع خضع هو وأخوه أحمد للاختبار من قبل المشائخ، ونجحا فيه، وكانا ينتقلان ما بين الجامع الكبير وجامع العلمي بصنعاء، حتى حفظا القرآن الكريم خلال سنة وأربعة أشهر. بعدها انتقل الشيخ عامر إلى مدرسة (دار العلوم)، فدرس فيها علم القراءات السبع، ثم انتقل بعد ذلك إلى المدرسة العلمية ودرس فيها النحو وعلوم اللغة، ثم درس علوم القرآن الكريم على يد عدد من العلماء».


شبابه
لم يلبث عامر سنين قليلة حتى امتهن التدريس. كان متأثراً بتلاوة المقرئ، يحيى الحدائي، إمام جامع المظفر في تعز آنذاك، وحاكاه في التلاوة ونبرات الصوت، وتميز بنبرات صوتية غير مسبوقة. بعدها أسس الشيخ محمد حسين عامر مدرسة القراءات السبع، خاصة قراءة نافع، وأسس عدداً من مدارس وحلقات تحفيظ القرآن في جامع النهرين والجامع الكبير، وكان نشطاً في هذا المجال، فالتف حوله عدد من الشباب الذين أجازهم في تلاوة القرآن وتجويده، كما أنه كان يهتم بتدريس المكفوفين، سواء في الجامع أو في بيته، وكان يقوم بخدمة الطلاب الذين يقرأون القرآن، ويأخذهم إلى بعض الأماكن، كما كان يعطي الطلاب قهوة البن بعد صلاة الفجر وقراءة القرآن على نفقته كنوع من التحفيز لهم.
الشيخ الحافظ، يحيى الحليلي، وهو أحد تلامذة الشيخ عامر، يقول لـ«العربي»: «كان المرحوم يجالس العلماء، وكان يخالط الناس وينفعهم في مناسباتهم الإجتماعية كالأعراس ومجالس العزاء، وكذلك في المناسبات الدينية كالموالد، حيث كان رحمه الله شاعراً ومنشداً ومادحاً لله ورسوله، إلى جانب تدريسه للقرآن، وكان ناصحاً لمن يطلب منه النصيحة من مسؤولي الدولة وعموم الناس. هذه الخصال الحميدة أكسبته حب الناس».


الإذاعة والتلفزيون
في الخمسينيات، بثت إذاعة صنعاء تلاوات للشيخ عامر. بعد ذلك، قام الشيخ عامر بتسجيل تلاوات لإذاعات عدن وتعز والحديدة. وفي الستينيات، بدأت إذاعة صنعاء النقل المباشر لصلاة الفجر يومياً في رمضان، مسبوقاً بتلاوة قرآنية له، وظل بصوته الجميل وتلاوته في رمضان يطل على المشاهدين والمستمعين كل جمعة من الجامع الكبير حتى توفاه الله.
يقول الشاعر، عباس الديلمي: «ذكرت المرحوم محمد حسين عامر، وكيف كان يتواصل معي هاتفياً عندما كنت مدير عام البرامج في الإذاعة كلما سمع خطأً أو ورد ما يستوجب الملاحظة في ما تبثه الإذاعة، بل كان يرى في ما تبثه الإذاعة ما لا يراه غيره، فيلاحظ حتى على صوت مقرئ أو مغن لا يرتقي إلى درجة مطرب، حتى عزز من اعتقادي بأن المقرئين الجيدين هم أعرف الناس بالأصوات وطبقاتها في مجال الإنشاد أو الغناء أو التلاوة.


موهبته في الإنشاد 
يقول الشاعر اليمني الكبير، عبد الله البروني، واصفاً الشيخ عامر: «كان رحمه الله يملك صوتاً جهوراً دقيق الذبذبات، وكانت القصائد التي ينشدها في المناسبات من الشعر الإلهي البليغ، ومن المدائح النبوية إلى جانب غزليات نزيهة عامة». ويُعتبر الشيخ عامر مجدد الإنشاد في اليمن، وأبرز مؤسسي جمعية المنشدين اليمنيين، حيث ترك مكتبة عريضة من الأناشيد والتواشيح والتسابيح والأدعية، ومن أشهر الأناشيد والتواشيح التي ترنم بها عامر: «غيب وذو اللطائف لا يغيب، السلام عليك يا رمضان، الصبر حصن الفتى والسور، الله أكبر، يا من إليه المشتكى»، والكثير من الأناشيد والمشارب المنوعة. كما تميز الشيخ عامر بعدد من الأدعية الخاصة بشهر رمضان الكريم.


وفاته
كان الشيخ محمد حسين عامر زاهداً عابداً، لم يترك الأموال الكثيرة وعاش حياة بسيطة بعيدة عن التكلف. تزوج مرتين، وله ولدان: محمد وتقية. قبل وفاته، أصيب الشيخ عامر بمرض الكبد، وانتقل إلى الأردن للعلاج، ثم عاد إلى صنعاء دون أن يُشفى، وظل يعاني من المرض حتى مات. الشيخ لطف الجوزي ظل مرافقاً للشيخ عامر طيلة 32 عاماً، وصاحبه حتى توفي.
يقول الجوزي في حديثه إلى «العربي»: «في آخر يومين قبل وفاة الشيخ عامر، كنا كالعادة نقرأ القرآن من الساعة الثانية حتى الرابعة والنصف عصراً، وفي المساء كنا نتدارس القرآن من بعد صلاة العشاء حتى الثانية بعد منتصف الليل، وأتذكر أنه في يوم الخميس، كان يشكو من مغص شديد في بطنه، أخبرته أنني سأذهب لأشتري له علاجاً، فرفض وقال لي نلتقي غداً في الجامع الكبير، وفعلاً التقينا وقال: إذهب يا لطف إلى أحد التجار، وخذ منه عدداً من أكياس البر والدقيق والسكر التي أهداني إياها أحد المسؤولين، وقم بنقلها إلى أبناء أخي أحمد، فهم أحق مني، ثم أوصاني أن أرعى أولاده، حينها خفت، وقلت له أطال الله في عمرك، لا تقل هذا الكلام، نحن نحتاجك. وفي اليوم الثاني، يوم السبت الخامس عشر من شهر رمضان 1419هـ، ذهبت إلى منزله لأتفاجأ بأن روحه الطاهرة انتقلت إلى جوار بارئها

*العربي

المركزاليمني للاعلام – متابعات
الخميس 22 يونيو-حزيران 2017
أتى هذا الخبر من المركز اليمني للإعلام:
http://yemen-media.info
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
http://yemen-media.info/news_details.php?sid=29430