من هي "فتحية محمد" وماهي قصتها؟ .. تفاصيل
الموضوع: أخبار المحلية

ي

  

في العام 2017 والأعوام الثلاثة التي سبقته، مرت المرأة اليمنية بأسواء الظروف المعيشية التي خلفتها الحرب، وتبدلت المطالب الحقوقية التقليدية لنساء اليمن، فبدل أن كن يطالبن بحقوقهن في الشراكة السياسية وتمثيلهن في الأحزاب والمؤسسات الدستورية، أصبحن يحلمن بحقهن في الحياة والعودة إلى ديارهن بعد أن شردن مع عوائلهن، وأصبحت مطالب الحصول على الغذاء والدواء هي الأولوية لهن. ضيفتنا في هذا الحوار مرت بمختلف الأحداث المأساوية منذ ستينيات القرن المنصرم حتى اليوم، وتقلدت مناصب رفيعة، أبرزها: عضو هيئة رئاسة مجلس الشعب، ورئيسة اتحاد نساء اليمن في الجنوب قبل إعلان الوحدة اليمنية، واليوم تشغل منصب رئيسة اتحاد نساء اليمن... تحدثنا القيادية فتحية محمد عبدالله عن مراحل عديدة مرت بها وعن واقع اتحاد نساء اليمن اليوم، وقضايا أخرى متصلة، فإلى التفاصيل: 

 

حاورها: علاء الدين الشلالي


*بداية، حدثينا عن مراحل تكوين الشخصية القيادية لرئيسة اتحاد نساء اليمن فتحية محمد؟
نبدأ من مرحلة الطفولة. أنا اعتبر الشخص الثالث من إخوتي الأحد عشر. والدي كان يحب الوطن ويحب عمله كثيراً. كان يعمل في القوة الجوية بمعسكر بدر التابع للقوات المسلحة أيام الاحتلال البريطاني، وكانت الرواتب في تلك الفترة ضئيلة. كان والدي يحب أن يلتحق أبناؤه بالمدارس، وكان الاحتلال البريطاني لا يسهل دخول المدارس إلا لأبناء الرأسماليين. وفي تلك الفترة وبجانب عمله في القوات المسلحة عمل والدي أيضاً في المجال النقابي أيام النقابات الست. أخي الكبير أيضاً عمل في النقابات في نقابة المهن التعليمية وغيرها حتى وصل لمنصب نائب رئيس اتحاد نقابات العمال والاتحاد العربي للعمال. أخي كان إلى جانب والدي يشجعني على ضرورة إكمال التعليم، رغم أن المجتمع حينها لم يكن يشجع النساء على التعليم. ومع ذلك، التحقنا بالفصول الدراسية، وفي المرحلة الثانوية وبعد أن تغير المنهج الدراسي وفقاً للنظام الدراسي المصري، عملوا قسمين: علمي وأدبي، أنا اخترت القسم الأدبي لأن ميولي كانت أدبية. كنت أكتب مواضيع صحافية باسم مستعار، أسميته حينها بـ«بنت الفيحاء» لأنني من منطقة الشيخ عثمان التي كانت تسمى بالفيحا، وكنت أكتب في صحف «فتاة الجزيرة» و«اليقظة» و«الأيام»، حتى أنني كنت أحصل على جوائز تشجيعية من تلك الصحف، وكانت تصلني الجوائز عبر البريد، وكانت معظمها كتباً أدبية وقصصاً قصيرة. كان ذلك دون علم الوالد، لأنني عندما كنت أراسل تلك الصحف كنت أكتب عنوان البريد الخاص بمنزلنا، وكنت أراجع البريد كل يوم، وذات مرة وصلت لي جائزة لكنني لم أراجع البريد فاستلمها الوالد واستغرب، فصارحته أنني كنت أكتب مقالات لبعض الصحف، وأنني لم أكن أكتب إلا في قضايا وحقوق النساء، فوافق أبي على أن أستمر في الكتابة، وواصلت كتاباتي حتى تخرجت من كلية التربية.


*كيف كان لمجريات الأحداث السياسية تأثيرها عليك أنت ونساء جيلك، خصوصاً أنكن عايشتن حينها فترة الاحتلال البريطاني؟
كنت في اتحاد الطلاب وكنت أدرس في كلية الطويلة للبنات، كنا نجتمع مع زميلاتنا بشكل سري، وفي الجبهة القومية كانوا يعتمدوا علينا في توزيع المنشورات السياسية والتوعية التي تحث على ممارسة الحقوق، والانتفاضة ضد المستعمر الذي كان يسرق مواردنا. وكان كثير من الأخوات معنا محبات للوطن ومضحيات، فأتذكر عندما كنا نزور المعتقلين والإداريين إلى المعتقلات والسجون، وكنا ندعي أننا خطيبات لبعض المعتقلين حتى يسمح المستعمر لنا بزيارتهم، أتذكر رفيقاتي اللواتي كن بجانبي، وهن عايدة علي سعيد، ونجوى مكاوي، وفايزة جعفر، وغيرهن من المناضلات في الحركة النسوية.


*ماهو دور الاشتراكية، كمفهوم أو تنظيم في بلورة الحس الوطني قبل وبعد الاستقلال في عدن وبقية مناطق الجنوب؟
بالتأكيد أن للاشتراكية دوراً هاماً في توعية المواطن الجنوبي بالتصدي للمحتل الرأسمالي. أنا درست في مدرسة العلوم الاشتراكية في عدن. درست الاقتصاد السياسي والاقتصادي الرأسمالي. كما درست فنون القيادة. وكانت تلك المعارف مفيدة لي وتعلمت كيف يكون البناء التنظيمي والاقتصاد الاشتراكي ومقارنته بالاقتصاد الرأسمالي، كانوا يعلمونا فنون القيادة، ويعلمونا كيف يكون الانسان قيادي وكيف تكون قائد خلية أو مجموعة، كانوا يعلمونا الأفكار الشيوعية من أجل أن نوصل هذه المفاهيم للمجتمع حتى أصبح في كل مرفق عمل أو مؤسسة حكومية منظمات قاعدية للحزب الاشتراكي، حتى في المدارس والمرافق العامة تشكلت تلك المنظمات القاعدية. في البداية كان عملنا يتسم بالسرية وقبل حضور الاجتماعات الخاصة كانوا يعطونا كلمة سر، أتذكر ذات مرة أنني حضرت اجتماع والتقيت بـالرئيس عبد الفتاح اسماعيل وكان يلبس زي شارح البستان وكان واقفاً، قال لي: أين ستذهبين؟ أخبرته كلمة السر، بعدها سمح لي بالدخول، وفي الاجتماع كان كل شخص يعرف عن نفسه، وبعد فترة من نشاطي في الحزب ترقيت في الجانب السياسي إلى عضو لجنة مركزية للتنظيم السياسي. وفي الفترة من 1974 إلى 1978م كنت أمينة سر في الحزب الاشتراكي.


*كيف التحقتي بصفوف الحركة النسوية في عدن؟
كان في عدن جمعيات للمرأة، وكانت عدد من النساء ينشطن في هذا الجانب، أمثال فوزية نعمان وعايدة يافعي ونجوى مكاوي وأنيسة الصائغ وشقيقة علي صالح، التي كانت مسؤولة علينا عندما كنا طلاباً، وفي القطاعات الطلابية كان مسؤولاً علينا أحمد القعطبي والمحامي الأول في عدن صلاح الدين.
وبعد إعلان الاستقلال كان القطاع النسوي متحركاً، وأتذكر أن نجيبة محمد عبد الله شاركت مع وفد من الجنوب ضم فوزية جعفر وأخريات في أول احتفال لثورة 26 سبتمبرفي صنعاء. ومرت الأيام وبعد أن عملنا نحن النساء في التنظيم السياسي للجبهة القومية أشبه بالانتفاضة المطالبة بضرورة الاهتمام بالمرأة وحقوقها عقد المؤتمر الأول للمرأة اليمنية، وفي مدرسة 9 يونيو في الشيخ عثمان، ومدرسة 30 نوفمبر للبنات، ومدرسة الثورة، وتلك المدارس كنت أدرس فيها التوعية الوطنية للطالبات، وحينها كنا نعقد اجتماعات وملتقيات خاصة مع عدد من النساء في عدن لمناقشة مختلف القضايا والمشكلات.


*ترأستي اتحاد نساء اليمن في الجنوب قبل الوحدة؟ حدثينا أكثر عن الاتحاد في تلك الحقبة؟
كان أول اتحاد نسائي تشكل في الجنوب برئاسة فوزية جعفر في عام 1968، وكان يسمى الاتحاد العام لنساء اليمن في الجنوب، مرت الأيام وأنا كنت عضوة في الاتحاد الذي كان عمله محصوراً في نطاق محافظة عدن، وكانوا رافضين أن يتوسع عمل الاتحاد في كل المحافظات الجنوبية، وبعد المطالبات بضرورة توسعة نطاق الاتحاد، وقالوا ممكن يكون في محافظتي لحج وأبين مستقبلاً، ولكن محافظات شبوة وحضرموت والمهرة اتفق على أن كلاً يشكل قيادته بمفرده، حينها بدأ العمل النسوي يضعف، بعدها عملنا انتفاضة وقلنا سنعقد مؤتمر في كل المحافظات، وكان المشرف علينا الرئيس سالم ربيع، كانت القيادة حينها ليست مستوعبة بأهمية توسعة عمل الاتحاد، كانت رئيسة الاتحاد الأخت خولة شهاب، ومن ثم تحملت رئاسة الاتحاد فوزية سيف، بعدها أسماء ريمي، نزلنا إلى كافة المحافظات وشكلنا لجنة في كافة المحافظات، كانت تسمية المحافظات: المحافظة الأولى والثانية والثالثة والرابعة وهكذا، المهم شكلنا الفروع، وتم انتخاب مندوبي الفروع حتى عقد المؤتمر العام سنة 74م في مدينة سيئون وحضرته وفود خارجية وانتخبوني لرئاسة المؤتمر.


*ما هي أهم منجزات اتحاد نساء اليمن في الجنوب خلال ترؤسك له قبل الوحدة اليمنية؟
عملنا ست مجمعات مهنية، وكانت مهمة المجمعات المهنية رفد المصانع بالنساء العاملات، كنا نعمل على إلحاق الفتيات بالتعليم من خلال صفوف محو الأمية أو فصول دراسية إضافية وتوفير فرص عمل لهن، كن صباحاً يتواجدن في المصانع وفترة العصر في الفصول الدراسية، كان في حينه دعم كبير للنساء من قبل الرئيس سالم ربيع، حتى أن اتحاد نساء اليمن كانت الجهة التي توظف النساء في المصانع، كمصنع الغزل والنسيج والعطور والطماطم في لحج وتعليب الأسماك في أبين شقرة، كما كان الاتحاد يستطيع أن يحصل على منح خارجية لمئات الطالبات.


*حدثينا عن الظروف التي جاءت بك إلى صنعاء، هل كنت ضمن الناجين من أحداث يناير 86 المؤلمة؟
لا، أنا في سنة 1984م غادرت عدن إلى صنعاء لتوحيد جمعيات المرأة، وكانت ترأس الجمعيات في صنعاء عاتقة الشامي وهدى القباطي، وفي الحديدة كانت ترأسها حنان الأعجم وقيادية أخرى في تعز، وكانت الجهود تنصب من أجل أن يكون هناك اتحاد واحد من أجل انضمام اليمن للاتحاد النسائي العالمي، وأنجزت المهمة الوطنية وسافرت بعدها إلى سوريا ومن ثم عدت إلى عدن.
وكيف كانت رحلتك من عدن إلى صنعاء عقب أحداث يناير 86م؟
أنا لم أكن مع المجموعة التي خرجت من عدن والمناطق الجنوبية إلى صنعاء، كانت رحلتي شاقة، لا يمكن نسيانها بسهولة. تحركت من عدن إلى البيضاء سيراً على الأقدام، وصنفوني مع ما يسمى بالزمرة كوني لجأت إلى الشمال، كانوا يريدونني أن أكون شاهدة إثبات أو نفي في المحاكمات التي كانت تجرى.
إستمر عملي في صنعاء كرئيسة لاتحاد نساء اليمن الجنوبي الشرعي، وكانت تدعم عملنا بعض الدول العربية مثل ليبيا، وكانوا يعتبرون أننا نمثل اتحاد نساء اليمن الجنوبي الشرعي، كون أن أكثر العائلات الجنوبيات متواجدة في صنعاء. إستمر الوضع حتى أعلنت الوحدة اليمنية عام 1990، حصل دمج بين اتحاد النساء في الجنوب واتحاد النساء في الشمال عام 1991م، بعدها صدر قرار من حيدر العطاس أن الجنوبيين المتواجدين في صنعاء يتم تعيينهم مستشارين كل في تخصصه السابق، وطلبت حينها من رئيس الوزراء عبد العزيز عبد الغني أن أكون مستشارة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أيام لقمان بعدها جاء محمد علي هيثم ثم البطاني كوزراء لوزارة الشؤن الاجتماعية والعمل، في ذات تلك الفترة عينت مستشارة في المجلس اليمني للأمومة والطفولة، و نائبة رئيس اتحاد نساء اليمن للشؤون الخارجية، واستمريت حتى وفاة رئيسة اتحاد نساء اليمن رمزية الإرياني.


*وكيف توليت رئاسة اتحاد نساء اليمن بعد الوحدة اليمنية؟
كما أخبرتكم عندما توفت رمزية الإرياني كنت أشغل منصب نائبة رئيس الاتحاد، وبحسب النظام الداخلي عندما تتوفى رئيسة الاتحاد يتم انتخاب رئيس جديد للاتحاد، حينها لكي أتفرغ تماما ًلعمل الاتحاد اعتذرت عن استمرار عملي في المجلس الوطني للطفولة.


*ما مدى تأثير الحرب الحالية على عمل وأداء اتحاد نساء اليمن؟
بلا شك أن الحرب أثرت على أداء وعمل الاتحاد كما كان تأثيرها على نساء اليمن وكل الفئات والمؤسسات اليمنية، لكننا مستمرون في ممارسة أنشطتنا الخاصة بخدمة النساء في كل المحافظات اليمنية بلا استثناء.
كيف استطاع اتحاد نساء اليمن تحييد نفسه بعيداً عن الصراع المسلح في اليمن؟
نسعى لعدم التدخل في السياسة وعدم الوقوف مع طرف سياسي ضد طرف آخر، وهمنا الأول والأخير هو كيف نساهم في تسهيل استمرار جهود الإغاثة للنساء المتضررات من الحرب، سواء النازحات أو المحتاجات للمساعدات من ذوات الإعاقة وغيرهن، لذا لم نتعرض لمضايقات من أي طرف سياسي سواء في الشمال أو في الجنوب وفي كافة محافظات اليمن الواحد.


*ما هي الخطوات التي قام بها الاتحاد للحد من تزايد معدلات العنف الذي تتعرض له نساء اليمن؟
لا نستطيع أن نقول أننا نقوم بجهود تحد من العنف، ولكن يمكننا القول إن هناك جهوداً للتخفيف من حدة العنف الذي يتعرضن له نساء اليمن جراء الحرب والنزاع المسلح، لدينا مجموعة من المهام والأنشطة التي تنفذ في المحافظات اليمنية وفتحنا خطاً ساخناً لتلقي شكاوى النساء اللواتي يتعرضن للعنف، ونسقنا مع الجهات المعنية لحل الإشكاليات التي تصل إلينا أولاً بأول.


*هل لا يزال مستوى التنسيق بين اتحاد نساء اليمن والمنظمات الدولية خلال هذه الفترة كما كان سابقاً؟
نعم، تواصلنا مع المنظمات الدولية الداعمة للنساء وللمجتمع اليمني مستمر، والمشاريع التي كان مخططاً لها مستمرة في التنفيذ، مع التركيز على المستجدات التي طرأت، وعمل حملات وقائية وعلاجية وتوعوية للأوبئة التي ظهرت مع الحرب كالكوليرا والدفتيريا وغيرها، وبشكل عام اتحاد نساء اليمن يعمل في حالة طوارئ، نعمل مع شركائنا في «اليونيسف» و«اليونسكو» وهيئات الأمم المتحدة المتخصصة بالمساعدات الغذائية والحقوقية.


*وماذا عن تواصلكم مع الاتحادات النسائية العربية؟
التواصل مستمر وإلى العام 2014 كانت اليمن تشغل منصب رئاسة الاتحاد النسائي العربي، حتى سلمت المنصب لجمهورية مصر العربية. القائمين على الاتحادات النسائية العربية يعرفون جيداً الظلم الذي يتعرضن له النساء اليمنيات، بسبب الحرب الظالمة على بلدهن.


*أنت رئيسة اتحاد نساء اليمن، كيف تقيمين وضع النساء في العام 2017م؟
من أسواء الأعوام التي مرت على النساء اليمنيات، ولكننا متفائلات بالعام الجديد 2018 بأن يسود فيه السلام وأن تتوقف الحرب حتى ينعمن النساء وينعم المجتمع بالأمن والاستقرار والتنمية وإعادة بناء ما تم هدمه.


*هل الأستاذة فتحية محمد عبدالله سعيدة في حياتها؟
أنا أم لفتاة متزوجة، وأنا سعيدة بوجودي في مؤسسة خاصة بخدمة نساء اليمن. وسأكون أكثر سعادة عندما تتوقف الحرب ويحل السلام في وطني الموحد في العام الجديد، وهذا ليس حلمي بل حلم لكل نساء اليمن.

*العربي

المركزاليمني للاعلام - علاء الدين الشلالي
الثلاثاء 02 يناير-كانون الثاني 2018
أتى هذا الخبر من المركز اليمني للإعلام:
http://yemen-media.info
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
http://yemen-media.info/news_details.php?sid=33148