غابت الضوابط وحضر الجشع: صنعاء: زيادة الإيجارات كابوس يؤرق اليمنيين مع بداية كل عام جديد
الموضوع: ملفات وتقارير

تعيش العاصمة صنعاء،ارتفاعاً جنونياً في إيجار الشقق السكنية، بصورة مبالغ فيها حتى باتت كابوس يطارد المواطنين، بعد أن شهدت انفلاتاً كبيراً في الآونة الأخيرة، بالإضافة لتعرض المستأجرين لعدد من التعسفات المستمرة من قبل المؤجرين والملاك.

ويشكو عدد من المستأجرين من ارتفاعها أكثر، مع بداية العام الجديد، الذي يعتبر الشهر الأول منه موسماً لرفع الإيجارات بنسبة مبالغة فيها بحسب المستأجرين.

يقول الأستاذ عبدالرقيب مصلح - موظف تربوي - أنه على مدى عشرة أعوام كان مستأجرًا في إحدى حارات شارع الدائري في صنعاء، شقةً مكونة من ثلاث غرف، ولم يرفع عليه المؤجر كلفة الإيجار التي كانت تصل إلى 25 ألف ريال، سوى مرة واحدة عام 2011، حين رفعها من 20 إلى 25 ألف ريال، إلا أنه ومنذ بداية الحرب في اليمن تم رفع الإيجار عليه مرتين، حيث اصبح مع بداية هذا العام يدفع 45 ألف ريال كإيجار شهري للشقة التي يسكنها.
ويضيف مصلح في حديثه ل(المركز اليمني للإعلام): "كنت في البداية رافضًا هذه الزيادة في الإيجار، ولكن عندما رأيت أسعار الإيجارات ترتفع في كل مكان، رضخت للأمر الواقع، فمن الصعب أن تجد شقة نظيفة مكونة من 3 غرف بهذا السعر حالياً في ظل حالة الانفلات غير المسبوق وغير المسؤول لدى ملاك العقارات.

من جهته يستمر أحمد محمد حسن، منذ أكثر من أربعة أشهر في البحث عن شقة في صنعاء بسعر معقول للإيجار تتناسب مع دخله الشهري، لكن كل محاولاته تبوء بالفشل في ظل جشع وطمع ملاك العقارات في سباق مسعور دون رادع او ضابط من قبل الجهات المعنية.

أحمد شاب ثلاثيني، عامل بناء بصنعاء، وقد عزم مؤخراً على إستقدام أسرته من الريف إلى العاصمة، ليعيشا معاً، إلا أن عدم حصوله على شقة تناسب دخله الشهري سيضطره للتخلى عن فكرة إستقدام أسرته إلى أن يعثر على شقة.

أسباب ومبررات
ويقول مختصون ان من ابرز أسباب الارتفاعات الجنونية للإيجارات، استغلال ملاك العقارات حالة الفوضى التي تعيشها البلاد، فضلا عن انعدام القانون الذي ينظم العلاقة بين المؤجو والمستأجر، وتنصل الجهات المعنية عن دورها في حماية المستأجرين الذين يشكلون اكثر من نصف سكان العاصمة صنعاء.
من بين الأسباب أيضا أن صنعاء وحدها استقبلت ما يقارب مليون نازح من جميع المحافظات اليمنية خلال الخمس السنوات الماضية، الامر الذي أدي الى زيادة الطلب على الشقق السكنية.

و يقول إبراهيم الفقيه، صاحب مكتب عقارات في صنعاء، لـ(المركز اليمني للإعلام) "لم يعد هناك شقق الإيجارات متوافرة كما كانت في السابق، أصبح توفير شقة لمستأجر في الوقت الراهن غاية في الصعوبة.

وأشار الفقيه إلى أن عدد الباحثين عن شقق الذين يقصدون مكتبهم يومياً يصل من 10 إلى 15 مواطناً.

وتحدث الفقيه عن الإستغلال الذي يقوم به مُلاك الشقق والمنازل جراء مستويات العرض والطلب المفجعة، في ظل كثافة سكانية مرتفعة تزيد من مستوى الطلب في بعض المناطق يقابله عرض محدود، الأمر الذي يساهم في ارتفاع حدة أزمة المساكن نهاية كل عام.

وأضاف :إن مُلاك القطاعات العقارية - المؤجرين - تغيروا كثيراً وإلى الأسوأ، وفي حال أفرغت لديهم شقة لم يعودا يبلغونا كما كانوا في السابق، وأصبحوا بأنفسهم يؤجرون شققهم، وبأسعار خيالية، مستغلين أزمة انعدام الشقق.

تراجع الإنفاق
وانعكست الارتفاعات المتتالية على أسعار الشقق السكنية بصنعاء على المستوى المعيشي المتدهور أصلا للمواطنيين خاصة في ظل انقطاع المرتبات منذ سنوات، الامر الذي دفع غالبية الأسر الى حرمان اسرهم من متطلبات ضرورية لتوفير مبلغ الايجار الشهري الباهض.
وبحسب دراسات حديثة فان 26.5% من الأسر خفضت الإنفاق على التعليم والصحة وقامت بسحب أولادها من المدارس، فيما وجد أن كثيراً من الأسر، بنسبة 50%، تشتري الغذاء بالائتمان، في حين اضطر 16.5% إلى البيع من أثاث المنزل لتوفير السيولة.
قضايا ومحاكم:

ويشير المحامي طارق السمان، إلى أن الأزمة لا تتوقف عند حد ارتفاع الإيجارات، بل هناك أزمات تشريعية وقانونية وقضايا واسعة تكتظ بها المحاكم، أطرافها ملاك عقارات وأراض ومستأجرين، بما يعكس عمق هذه القضية التي باتت تشكل مصدر قلق للجميع في اليمن.

وفي ظل ارتفاع الطلب على السكن في بعض المناطق دون غيرها، يشير خبراء اقتصاد إلى ما أفرزته الحرب والسوق السوداء في القطاع العقاري، بخلاف ما ظهر في قطاعات الوقود والكهرباء والسلع الغذائية، من حركة أموال ضخمة تبحث عن تسييل في الأسواق، الأمر الذي أدى إلى تغيير موازين القوى في السوق العقارية ودفعت الإيجارات إلى الارتفاع المضاعف إلى مستويات قياسية، مصحوبة بنمو الطلب على المساكن وازدهار حركة العقارات والأراضي، دون ضوابط تنظم هذا السوق الذي بات ملايين البسطاء ابرز ضحاياه.

وأكد وكيل امانة العاصمة لشؤون الاحياءالدكتور قناف المراني إنه يمنع منعاً باتاً إخراج المستأجر من المنزل الذي يستأجره ما دام ملتزماً بدفع الإيجار، وقال إن المجلس السياسي الأعلى وجه وزارة الإدارة المحلية ووزارة العدل وأمانة العاصمة، بوضع حلول قانونية تراعي ظروف المجتمع في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد.

وأضاف: لدينا أوامر صارمة بالضرب بيد من حديد تجاه كل من يرفع الإيجارات أو يمارس الإبتزاز والجشع تجاه المستأجرين، وقد قمنا في الفترة الأخيرة بحبس مؤجرين وجشعين، ومنعناهم من الرفع في الإيجارات، ولكن المشكلة أن المستأجر والمؤجر يدخلوا في تفاهمات جانبية بعيداً عن الجانب الرسمي، وعند وقوع المشكلة يلجأوا لأمانة العاصمة وهذا أمر مرفوض.

ووجه رسالة الى كل الاخوة المستاجرين إنه في حال قيام اي مؤجر بإبلاغ المستأجر بأنه سيرفع الايجار بداية السنة الجديدة، كل ماعلى المستأجر فعله تقدم بشكوى الى عند عاقل الحارة، وإبلاغه بأن هناك تعميم صارم من المجلس السياسي الأعلى بعدم رفع الإيجار في أي حال من الأحوال وتحت أي ظرف، واذا لم يتجاوب عاقل الحارة يتوجه إلى عمليات أمانة العاصمة قطاع شؤون الأحياء ولن نخذله أبداً.

المركز اليمني للإعلام - خاص - جمال الورد
الثلاثاء 05 يناير-كانون الثاني 2021
أتى هذا الخبر من المركز اليمني للإعلام:
http://yemen-media.info
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
http://yemen-media.info/news_details.php?sid=49048