* حسبنا الله ونعم الوكيل, هذه أيام عصيبة كئيبة, فالجرائم المروعة التي هزت الوطن هذا الأسبوع أدمت القلوب, مناظر مؤلمة لأشلاء الأطفال الأبرياء في المساجد, وجنود يذبحون في العراء, صمت, وحزن, وغضب, وسؤال عريض : هل يحدث هذا في اليمن؟
* إن ما يفرضه الدين والضمير والمصير والعقل المستنير أن اليمنيين إخوة, وأن دماءهم جميعاً حمراء محرمة ومحترمة, وأنهم شركاء في الألم والمحن والخسارة.
* لا فرق بين دماء تسيل في لحج أو صنعاء أو تعز أو شبوة, اللون واحد, والقدير شاهد أن اليمن بريء من هذه الأفعال الخسيسة.
* والذين يتجاهلون ما يجري أو يزايدون به أو يعزفون على أوتاره البغيضة شركاء في الجريمة من قبل ومن بعد لا يعفيهم عنادهم ولا غباؤهم ولا غرورهم وبلادتهم.
* وكل الذين يتجهون باليمن نحو محارق المناطقية والمذهبية لن يمروا, طال الزمن أو قصر, هذا عهد ووعد من كل اليمنيين الشرفاء والأنقياء.
* نرى ونسمع وندرك أن بيننا من يماطل ويشمت أو يعلل ويولول, كائنات بلا هوية أدمنت الحقد والكراهية, لا تعيش في النور, ومهنتها الكذب والفجور.
* الآن بعد شهور من الحوار الخاوي تتغير الاتجاهات, تتبدل الأدوار, تتوزع الأماكن والأدوات, ومن صراع سياسي مقبول إلى صراع مذهبي منقول.
* البوصلة اليمنية العاقلة تهتز وتضطرب, والشحن المناطقي والمذهبي يزيد ويتسع, صار له قادة وأركان ومحرضون وممولون ومحللون ومجانين.
* المتحاورون الفاشلون التائهون يترنحون, والأفق السياسي يضيق ويختنق, وسماء الوطن ملبدة بغيوم الحيرة والقلق.
* ولو أن الموضوع صراع إعلام لهانت ووهنت, غير أن الجشع يزيد, والإيثار بعيد, العقول في إجازة, ولا نرى غير القبور والجنازة.
* وعاد بشير الويل وغراب الليل يتنبأ لليمن بالتشظي والحروب, ويصرخ المعزول المهبول : لن تصبح الخرطوم كصنعاء.
* شوفوا أين وصل بنا الحال والمقام, حتى هذا الانفصالي الفاشل يجد فينا حكاية ويجعل منّا عبرة ووصية.
* ذنوبنا في رقاب كثيرة, دول شقيقة وغريبة, مسلمة ومتأسلمة, أحلاف وأطراف, أشقاء وأشقياء, عرب وجرب, أغبياء وأثرياء.
* غير أنه قبل هذا وذاك فإن ذنوبنا على جنوبنا ولن يحل بنا غير ما نرضاه لوطننا ونقبله على أهلنا, فالخير باين ونتجاهله, والشر ظاهر نشجعه ونتبعه.
* فلنحذر الفتنة البيّنة, التي تشعلها قنوات الشر والكراهية, ولنرشد التصريحات المتشنجة قبل أن نضيع في زحام الفوضى والتعصب والدمار.
* لنسخّر قلوبنا للمحبة والرحمة وعقولنا للعبرة والتأمل, ما أثمر التطرف غير النوائب والمصائب, وما جنى التعصب غير السراب والخراب.
آخر السطور : للشاعر عبدالرحمن إبراهيم
أيا صنعاء
وجهي هارب منّي
ثواني الوقت تسألني
عن الآتي
عن الذاهب
عن الشمس التي رقدت ولم تصح
فصحّيها من الوسن
لكي تُرجع لي الغائب.