فتحي أبو النصر
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed كتابات
RSS Feed
بحث

  
أمن البحر الأحمر
بقلم/ فتحي أبو النصر
نشر منذ: 6 سنوات و 9 أشهر و يومين
الأحد 16 يوليو-تموز 2017 11:38 ص


من الطبيعي أن عدم استقرار اليمن مستقبلاً، سيؤدي إلى إضطراب منطقة البحر الأحمر برمتها. فالصراع الأكثر أهمية وخطورة في المنطقة يتمحور حول أمن البحر الأحمر.

منذ فجر التاريخ وصراع القوى العظمى عليه لم يتوقف بل استمر يتكرر بأشكال مختلفة حتى العصر الحديث. إنه حلقة وصل آسيا وأفريقيا وأوروبا.. تطل عليه اليمن السعودية جيبوتي إرتريا السودان الأردن مصر إسرائيل. هناك وجود عسكري مكثف في هذا الممر الاستراتيجي الذي ينبئ بثروات مختلفة، كما بمخاطر محتملة كالتهريب والإرهاب والقرصنة.
على أن السعودية ومصر وإسرائيل أقوى الدول المطلة عليه من الناحية العسكرية.
وطبعاً فمن مصلحة إسرائيل أن يكون لها نفوذاً متصاعداً في البحر الأحمر وهذا ما تفعله منذ عقود. أما البحريات الأمريكية والفرنسية والبريطانية فهي متواجدة بقوة أيضاً. وللبحر الأحمر معادلاته الحاسمة في الأمن الاقليمي والدولي كما في التجارة الدولية تحديداً.
بالتالي فإن تدويل أمن منطقة البحر الأحمر حقيقة ماثلة بين مضيق باب المندب وقناة السويس ولو لم يتم الإعلان الصريح عنها.
بالمقابل هناك مخاوف تسري في أوصال عدة دول عربية مطلة عليه خصوصا في حالة تضارب المصالح مع الأطراف الدولية أو تغير مراكز القوى.
والشاهد أن التهديد الأكبر كاد أن يأتي عبر عمليات القرصنة التي كانت قد ظهرت وتزايدت قبل أعوام ثم تضاءلت وخفتت، ومنبعها السفن المنطلقة من السواحل الصومالية التي لا ترضخ للقوانين فيما شملت تلك التهديدات أمن العالم أجمع وتجارته واستقراره.
وجراء ذلك كان أن تكرست أساطيل الدول الكبرى والإقليمية تحت دعاوى مكافحة اعمال القرصنة وتحت مظلة وشرعية الأمم المتحدة وفي إطار القانون الدولي.
إلا ان عدم وجود سلام في الصومال وحكومة قوية سيظل السبب الرئيسي لتأجج تلك التداعيات التي من المحتمل أن تتجدد في أي لحظة.
أما إيران فيهمها استنزاف عدة دول في منطقة البحر الأحمر من خلال إيجاد موضع قدم لها عبر دول صديقة في المنطقة ذاتها.
ومن دون شك فان عدم استقرار اليمن في المستقبل سيؤدي إلى اضطراب منطقة البحر الأحمر برمتها بالمقابل.
وللتذكير كانت إسرائيل اقترحت أكثر من مرة تدويل مياه البحر الأحمر وقوبل الأمر برفض عربي.
لكن الأغرب في هذا كله هو اتفاق الأجندة الإيرانية والإسرائيلية على اقتسام النفوذ والعمل بكثافة في دول وشواطئ منطقة القرن الأفريقي خصوصاً إرتيريا.
كذلك علينا عدم إسقاط أهمية التواجد التركي وانتشاره اقتصادياً في الصومال مؤخراً.
وبالمحصلة فإن ما أثير بين مصر والسعودية بشأن جزيرتي صنافير وتيران يأتي كجزء محوري ومستقبلي في صراع البحر الأحمر بالنسبة لبلورة موازين القوى بين اللاعبين الإقليميين والدوليين حتى أنه من الممكن توقع حدوث عملية عسكرية بحرية مشتركة سعودية ومصرية مثلاً ضد جزر دولة صارت أكثر إقلاقاً لهما كونها تفاقم عبثها بأمن البحر الأحمر إلى حد الإستفزاز.. لكنها ليست إسرائيل بالتأكيد!
جدير بالإشارة أن من أسباب إغتيال الرئيس الحمدي التي لم تبرز إلى السطح، قراره باحتضان اليمن عام 77 في مدينة تعز، لأول مؤتمر قمة للدول المطلة على البحر الأحمر، ما أغضب قطبي الحرب الباردة حينها، وكذا بضعة لاعبين اقليميين ودوليين، ذلك لأن المؤتمر انعقد دون رضى تلك القوى، ولقد كان ومازال لكل طرف منها حساباتها الخاصة بالطبع، فضلاً عن مخاوفها الخاصة أيضاً، مما جعلها لا تقبل أي تحرك انفرادي في هذا الملف الحساس، حتى وإن كانت تحركات وطنية مشروعة بحسب القانون الدولي ولاتمس المصالح العالمية المشتركة..
ولقد كان المؤتمر عموماً يهدف إلى وضع استراتيجية شاملة للدول المطلة على منطقة البحر الأحمر من أجل تحرير أمن المنطقة- وبالذات مضيق باب المندب -من تداعيات الصراع الدولي، و مخاطر هيمنة النفوذ السائدة وتبعاتها.. ولقد كان المؤتمر مثار إتفاق استثنائي لصنعاء الحمدي ولعدن سالمين آنذاك.. غير أن تلك التحركات لم تكن لتروق للنافذين الكبار حينها، ولذا سريعاً ما كانت ذات التحركات من أبرز الأسباب لدفع الحمدي وسالمين ثمن محاولة خروجهما عن الخط المرسوم- خصوصاً وأن تحركاتهما كانت تنطوي على محاولة جادة كي تتصدر اليمن لدور محوري في هذا الملف استفز المناوئين له بشدة- بينما كان الخط المرسوم بمحددات وحشية لا تقبل "الصفاط" إطلاقا، حسب ما أكدته الوقائع والأحداث لاحقاً.
وباختصار يمكن الخلوص في السياق إلى أن القوى التي ستنجح في تفعيل استشعارات إدراك خطورة اللحظة ومتطلباتها آخذة زمام المبادرة والمواجهة بكامل التبعات هي فقط التي ستحمي أمن البحر الأحمر من الانهيار ما بالكم ونحن في خضم مرحلة مآزقية نشهد فيها تفكيكاً ممنهجاً للمنطقة بأكملها ولا تحتمل المزيد من الحسابات المترددة والمتراخية فضلاً عن تلك الحسابات الواهمة أو التي بلاخيال.

*نقلاً عن المصدر اونلاين 

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع المركز اليمني للإعلام نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى كتابات
كتابات
حميد قائد الشابرة
إلى المدافعون عن العزة والكرامة
حميد قائد الشابرة
محمد جميح
صراع الطربوش والقبعة
محمد جميح
دكتور/طه الروحاني
جنود مجندة .. !!
دكتور/طه الروحاني
الباحث/سرحان الوصابي
عندما تموت الظمائر في وصاب العالي الضعفاء يفتشون عن الانصاف
الباحث/سرحان الوصابي
أحمد طارش خرصان
عن شرعية العصابات
أحمد طارش خرصان
أروى الشرجبي
إلى خالد الذكر والسفر.. إلى روح والدي الحبيب محمد طربوش سلام حزام الشرجبي
أروى الشرجبي
المزيد ..