يقولون لك: الأمل قائم، ولا يحددون لك ماهيته، كيف؟ من أين؟ إلى أين سيذهب بنا؟ والسؤال الأهم: هذا المخاض ما نتيجته، ما مولوده، ذكر أم أنثى؟!
سأقول لكم أين الأمل الحقيقي، أين يكمن؟
لن تأتي الحرب بالأمل، لا، الذي سيكون درسًا ونتيجة، هو القلم لا غيره، وحده من يحدد الاتجاه، وقد حدده سلفًا.
ظننا أن القلم مات، وهذا أسوأ ما يواجه أي أمة وأي شعب.
وجدنا الآن أن القلم حي ويحيي كل القيم العظيمة فينا، فالقلم يكتب الكلمة، والكلمة قرينة أرحم الراحمين، فلم تكن أول رسالة من السماء إلى الأرض "اقرأ" عبثًا.
ظن البعض أن القذيفة قتلت الكلمة، لكن طبيعة الأشياء تقول إن القلم لا يموت، ففي البدء كان القلم، وفي المنتهى يخط القلم كلمة تحيي أمة.
انظر إلى الإصدارات خلال سنوات الحرب، فلم تتوقف الأيدي المباركة عن أن تخط الحرف الأول لنرى هنا كتابًا وهناك رواية وهناك إصدار.
وخلال الأسبوع الماضي وأنا أتصفح موقع "yazzan net" أيقنت أن البقاء ليس للرصاصة ولا للقذيفة ولا للصاروخ، ولا لتجار الحروب ولا للصائحين في كل الأرض اليمنية، بل للقلم.
الأيدي الحاملة للقلم تنتج، تقول عبر فضاء الله كلمة، تؤرخ لكل ما هو جميل وحي، وتسجل اللحظة في أبرز تجلياتها، وأقصى درجات الوجع يحولها القلم إلى سفر عظيم من الدروس.
القلم هو من يأخذ بيد الناس إلى الحياة من جديد، وبذلك فأي إصدار في سنوات الألم إضافة عظيمة إلى ذاكرة الناس التي تديمها الكلمة، ولا شيء غير الكلمة
إصدارات ومواقع صحفية جديدة، أتحدث عن المواقع المهنية الحقيقية التي تحترم العقل، لا أهتم بمواقع ومنافذ ونوافذ التضليل والتحريض، تلك لا علاقة لها بالقلم، القلم الذي أشير إليه، القلم الذهبي الذي ينتج كلمة تنفع، كلمة توجه، كلمة هي كل العطاء، ولا يوجد قلم لا يعطي، الذي لا يعطي هو شبيه قطعة من صخر أو خشب.
الجميل في الأمر أن كل كتاب صدر خلال سنوات الحرب هو مشروع شخصي، صرف كل كاتب دم قلبه وتحمل تكاليفه ليخرج إلى الناس كلمة هي الأمل ولا أمل غيرها، تأخذ بيد هذا الشعب المثخن جسده بالجراح الى الأفق.
الكلمة الأمل ما غيرها من تلملم جروحه، من تلملم شتاته، من تجمع ما تبعثر بفعل الرصاصة، تلملم انتمائه وولائه.
القلم هو من يأخذ بيد الناس إلى الحياة من جديد، وبذلك فأي إصدار في سنوات الألم إضافة عظيمة إلى ذاكرة الناس التي تديمها الكلمة، ولا شيء غير الكلمة.
كل كتاب يصدر هو أمل لوحده.
كلما أمر على المكتبة وأتصفح واجهات الكتب وألمح إصدارًا جديدًا تفرح روحي وأزداد يقينًا بأن القلم من يكتب العلم على الصفحات هو ملجأنا الوحيد، نتقي به شر الرصاصة التي تقتل الحياة.
كلما صدر كتاب جديد، أنيرت زاوية مظلمة.
كلما خُطّ بالقلم كلمة جديدة، تراجع الجهل خطوتين.
كلما زاد قارئ، تراجع القهر والظلم إلى الخلف ثلاث خطوات.
إذن فالقلم هو الأمل الذي يجب علينا أن نتمسك بتلابيبه ولا نفك له من بين أيدينا أبدًا، هو الضمان لمستقبل نريده نحن غالبية الناس ولا دخل لنا بمن يريد استبداله بسيف من خشب.
القلم ضمان لأولادنا، لحياتنا، لشعب تعب كثيرًا من الوجع الدامي.
ماهية الأمر الذي يضمن لنا الحياة الأفضل هو القلم وما يخطه على الورق.
طوبى لحملة الأقلام من كتابنا وصحفيينا الذين أناروا الطريق الذي نسعى للسير عليه إلى المستقبل الذي نريده لأطفالنا.
نقلاً عن موقع خيوط