أنا منْ بلادِ (القاتِ) مأساتي تضجُّ بها الحقَبْ
أنا منْ هناكَ قصيدةٌ تبكي وحرفٌ مغْتَرِبْ
غادرتُ سجنَ الأمسِ ملتحفاً براكينَ الغضبْ
أثرُ القيودِ على يدي، ساقي تنوءُ منَ التعبْ
لا (عطرَ) لا (بترولَ) أحملُهُ وليسَ معي ذهبْ
ما زلتُ أغسلُ في مياهِ البحرِ، أشربُ في القِرَبْ
قدمايَ حافيتانِ، عاري الرّأسِ، موصولُ السَّغَبْ
وسفينةُ الصَّحْراءِ طائرتي، وَقَصْري منْ خَشَبْ
إنْ دندنَ (الموّالُ) في الأغوارِ يقتلْني الطربْ
ويشدَّني نايُ الحقولِ أذوبُ إنْ ناحَ القَصَبْ
لكنّني في الحبِّ موصولُ العراقةِ، والنَّسَبْ
(مجنونُ ليلى) في دمي و(جميلُ) مجنونُ اللَّهَبْ
أنا والهوى جئنا، شببْتُ بظِلِّهِ حلماً، وَشَبْ
هل تقبليني بعدُ؟ هل ترضينَ بي، شمسَ العربْ؟
أنا فيكِ مجنونٌ تحيَّرَ سَيْرُ عمري واضطربْ
لَمّا تلاقى المعجبونَ أمامَ موكبِكِ العجبْ
قالوا: وماتَ اللَّفظُ مشنوقاً على شفتي الْتَهَبْ:
هزَّتْكَ ثرثرةُ الشِّفاهِ. وخابَ صمتي وانتحبْ
وذهبْتِ تقتاتينَ، تغتسلينَ في موجِ الصَّخَبْ
والصمتُ لو تدرينَ.. أبلغُ منْ ملايينِ الخطبْ.
- القاهرة، ديسمبر 1963م
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك